هجرة صهيب بن سنان ـ رضي الله عنه.
الحمد لله رب العالمين و الصلاة و السلام على عبد الله و رسوله محمد بن عبد الله و على آله و صحبه أجمعين و بعد:
قال ابن سعد في "الطبقات":
3491 : أَخْبَرَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ ، وَسُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ ، وَمُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ ، قَالُوا : أَخْبَرَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ ، قَالَ : أَخْبَرَنِي عَلِيُّ بْنُ زَيْدٍ ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ ، قَالَ :
أَقْبَلَ صُهَيْبٌ مُهَاجِرًا نَحْوَ الْمَدِينَةِ وَاتَّبَعَهُ نَفَرٌ مِنْ قُرَيْشٍ فَنَزَلَ عَنْ رَاحِلَتِهِ وَانْتَشَلَ مَا فِي كِنَانَتِهِ ، ثُمَّ قَالَ :
يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ ، لَقَدْ عَلِمْتُمْ أَنِّي مِنْ أَرْمَاكُمْ رَجُلا ، وَايْمُ اللَّهِ ، لا تَصِلُونَ إِلَيَّ حَتَّى أَرْمِيَ بِكُلِّ سَهْمٍ مَعِيَ فِي كِنَانَتِي ، ثُمَّ أَضْرِبَكُمْ بِسَيْفِي مَا بَقِيَ فِي يَدِي مِنْهُ شَيْءٌ ، فَافْعَلُوا مَا شِئْتُمْ ، فَإِنْ شِئْتُمْ دَلَلْتُكُمْ عَلَى مَالِي وَخَلَّيْتُمْ سَبِيلِي ، قَالُوا : نَعَمْ ، فَفَعَلَ ، فَلَمَّا قَدِمَ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قَالَ : " رَبِحَ الْبَيْعُ أَبَا يَحْيَى ، رَبِحَ الْبَيْعُ " ، قَالَ : وَنَزَلَتْ وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ وَاللَّهُ رَءُوفٌ بِالْعِبَادِ سورة البقرة آية 207 .
قال ابن سعد في "الطبقات":
3490 : أَخْبَرَنَا هَوْذَةُ بْنُ خَلِيفَةَ ، قَالَ : أَخْبَرَنَا عَوْفٌ ، عَنْ أَبِي عُثْمَانَ النَّهْدِيِّ ، قَالَ :
بَلَغَنِي أَنَّ صُهَيْبًا حِينَ أَرَادَ الْهِجْرَةَ إِلَى الْمَدِينَةِ ، قَالَ لَهُ أَهْلُ مَكَّةَ : أَتَيْتَنَا هَاهُنَا صُعْلُوكًا حَقِيرًا فَكَثُرَ مَالُكَ عِنْدَنَا ، وَبَلَغْتَ مَا بَلَغْتَ ثُمَّ تَنْطَلِقُ بِنَفْسِكَ وَمَالِكَ ؟ وَاللَّهِ لا يَكُونُ ذَلِكَ ، فَقَالَ : أَرَأَيْتُمْ إِنْ تَرَكْتُ مَالِي تُخَلُّونَ أَنْتُمْ سَبِيلِي ؟ قَالُوا : نَعَمْ ، فَجَعَلَ لَهُمْ مَالَهُ أَجْمَعَ ، فَبَلَغَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ : " رَبِحَ صُهَيْبٌ ، رَبِحَ صُهَيْبٌ " .
قال الهيثمي في "بغية الباحث عن زوائد مسند الحارث":
677: حدثنا عفان , ثنا حماد بن سلمة , عن علي بن زيد , عن سعيد بن المسيب , قال :
أقبل صهيب مهاجرا إلى النبي صلى الله عليه وسلم , فاتبعه نفر من قريش , ونزل عن راحلته وانتثل ما في كنانته ، ثم قال :يا معشر قريش ، لقد علمتم أني من أرماكم رجلا , وأيم الله لا تصلون إلي حتى أرمي بكل سهم معي في كنانتي , ثم أضرب بسيفي ما بقي في يدي منه شيء , ثم افعلوا ما شئتم , وإن شئتم دللتكم على مالي وقينتي بمكة وخليتم سبيلي " , قالوا : نعم , ففعل فلما قدم على النبي صلى الله عليه وسلم المدينة قال : " ربح البيع أبا يحيى ربح البيع أبا يحيى , قال : ونزلت ومن الناس من يشري نفسه ابتغاء مرضات الله والله رءوف بالعباد سورة البقرة آية 207 " .
قال ابن أبي حاتم في " تفسيره":
1977:حدثنا أبي ، ثنا موسى بن إسماعيل ، ثنا حماد بن سلمة ، عن علي بن زيد ، عن سعيد بن المسيب ، " أن صهيبا ، أقبل مهاجرا نحو النبي صلى الله عليه وسلم ، فتبعه نفر من قريش مشركون ، فنزل وانتثل كنانته ، فقال :
يا معشر قريش ، قد علمتم أني أرماكم رجلا بسهم ، وأيم الله لا تصلون إلي حتى أرميكم بكل سهم في كنانتي ، ثم أضربكم بسيفي ، ما بقي في يدي منه شيء ، ثم شأنكم بعد ، وقال : إن شئتم دللتكم على مالي بمكة ، وتخلون سبيلي ؟ , قالوا : فدلنا على مالك بمكة ونخلي عنك ، فتعاهدوا على ذلك ، فدلهم ، وأنزل على رسول الله صلى الله عليه وسلم القرآن : ومن الناس من يشري نفسه ابتغاء مرضات الله والله رءوف بالعباد سورة البقرة آية 207 فلما رأى رسول الله صهيبا ، قال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : ربح البيع يا أبا يحيى ، ربح البيع يا أبا يحيى ، ربح البيع يا أبا يحيى , وقرأ عليه القرآن ، يعني قوله : ومن الناس من يشري نفسه ابتغاء مرضات الله والله رءوف بالعباد سورة البقرة آية 207 " .
وروي عن أبي العالية ، والربيع بن أنس ، نحو ذلك .
قلتُ:، ومراسيل سعيد بن المسيب من أصح المراسيل .
روى الخطيب البغدادي في "الكفاية" (ص404) عن ابن معين أنه قال :
" أَصَحُّ الْمَرَاسِيلِ مَرَاسِيلُ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ ". انتهى ،
وقال ابن حجر في "تقريب التهذيب" (ص241) :
" اتفقوا على أن مرسلاته أصح المراسيل ". انتهى
وقال ابن حجر في "المطالب العالية":
4168:قال إسحاق : أنا النضر بن شميل ، وروح بن عبادة ، وأبو[أسامة]* ، قالوا : ثنا عوف بن أبي جميلة الأعرابي ، عن أبي عثمان النهدي ، قال :
إن صهيبا حين أراد الهجرة إلى المدينة قال له كفار قريش : أتيتنا صعلوكا فكثر مالك عندنا ، وبلغت ما بلغت ثم تريد أن تخرج بنفسك ومالك ؟ ، والله لا يكون ذلك . فقال لهم : أرأيتم إن أعطيتكم مالي تخلون سبيلي ؟ فقالوا : نعم ، فقال : أشهدكم أن قد جعلت لكم مالي ، فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : " ربح صهيب ، ربح صهيب " .
هذا حديث صحيح إن كان أبو عثمان سمعه من صهيب ، وقد رواه جعفر بن سليمان الضبعي ، عن عوف ، عن أبي عثمان ، عن صهيب ، قال :
لما أردت . . . . فذكر نحوه . فصح اتصاله ولله الحمد أخرجه ابن مردويه في التفسير للمسند من حديث جعفر . وله شاهد من حديث علي بن زيد بن جدعان ، عن سعيد بن المسيب ، عن صهيب رضي الله عنه ، تقدم في تفسير للبقرة .
وقال ابن حبان في "صحيحه":
7239: أخبرنا عبد الله بن محمد الأزدي ، حدثنا إسحاق بن إبراهيم ، أخبرنا النضر ، وروح ، وأبو أسامة ، قالوا : حدثنا عوف بن أبي جميلة ، عن أبي عثمان النهدي ، أن صهيبا حين أراد الهجرة إلى المدينة ، قال له كفار قريش :
أتيتنا صعلوكا ، فكثر مالك عندنا ، وبلغت ما بلغت ، ثم تريد أن تخرج بنفسك ومالك ، والله لا يكون ذلك ، فقال لهم : " أرأيتم إن أعطيتكم مالي ، أتخلون سبيلي ؟ فقالوا : نعم ، فقال : أشهدكم أني قد جعلت لهم مالي ، فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم ، فقال : ربح صهيب ، ربح صهيب " .
قلتُ:أبوعثمان النهدي عبد الرحمن بن مل النهدي تابعي جليل مخضرم أدرك الجاهلية ،وأسلم على عهد النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ وصدق إليه ولم يلقه،وأغلب روايته عن الصحابة،وهو من أفضل التابعين . قال ابن هانئ(مسائله): وسمعت أبا عبد اللَّه في قول: أفضل التابعين قيس وأبو عثمان وعلقمة ومسروق، هؤلاء كانوا فاضلين، ومن علية التابعين(مسائل ابن هانئ(2070).
والمراسيل إذا تعددت طرقها ، دون تواطؤ : كانت صحيحة مقبولة .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية في "مجموع الفتاوى" (13/347) :
" و" الْمَرَاسِيلُ إذَا تَعَدَّدَتْ طُرُقُهَا ، وَخَلَتْ عَنْ الْمُوَاطَأَةِ قَصْدًا ، أَوْ الِاتِّفَاقِ بِغَيْرِ قَصْدٍ : كَانَتْ صَحِيحَةً قَطْعًا ". انتهى.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية في "الصارم المسلول" (ص147) :
" و مثل هذا مما يشتهر عند هؤلاء مثل الزهري و ابن عقبة و ابن إسحاق و الواقدي و الأموي و غيرهم .وأكثر ما فيه أنه مرسل ، والمرسل إذا روي من جهات مختلفة ، ولا سيما ممن له عناية بهذا الأمر وتتبع له : كان كالمسند ، بل بعض ما يشتهر عند أهل المغازي ويستفيض : أقوى مما يروى بالإسناد الواحد ". انتهى
وصل اللهم على نبينا محمد وعلى آله وسلم والحمد لله رب العالمين .