[وفاكهةً وأبّاً].
الحمد لله رب العالمين و الصلاة و السلام على عبد الله و رسوله محمد بن عبد الله و على آله و صحبه أجمعين ،أما بعد:*أبوبكر الصديق ـ رضي الله عنه.
قال أبوعبيد القاسم بن سلام الهروي في "فضائل القرآن":
ـ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَزِيدَ، عَنِ الْعَوَّامِ بْنِ حَوْشَبٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيِّ، أَنَّ أَبَا بَكْرٍ الصِّدِّيقَ، سُئِلَ عَنْ قَوْلِهِ: {وَفَاكِهَةٌ وَأَبًّا} [عبس: 31] فَقَالَ: أَيُّ سَمَاءٍ تُظِلُّنِي، أَوْ أَيُّ أَرْضٍ تُقِلُّنِي إِنْ أَنَا قُلْتُ فِي كِتَابِ اللَّهِ مَا لَا أَعْلَمُ؟ ".
وقال سعيد بن منصور في "السنن":
- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ أَيُّوبَ ، عَنِ أَبِي مُلَيْكَةَ ، قَالَ: سُئِلَ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِيقُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - عَنْ آيَةٍ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ - عَزَّ وَجَلَّ -، قَالَ: أَيّة أَرْضٍ تُقِلُّني ، أَوْ أيَة سَمَاءٍ تُظِلُّني، أَوْ أَيْنَ أَذْهَبُ، وَكَيْفَ أَصْنَعُ إِذَا أَنَا قُلْتُ فِي آيَةٍ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ بِغَيْرِ مَا أراد الله بها؟ ".
وقال الطبري في "تفسيره":
ـ وَحَدَّثَنِي أَبُو السَّائِبٍ سَلْمُ بْنُ جُنَادَةَ السُّوَائِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَبِي مَعْمَرٍ، قَالَ: قَالَ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: «أَيُّ أَرْضٍ تُقِلُّنِي، وَأَيُّ سَمَاءٍ تُظِلُّنِي، إِذَا قُلْتُ فِي الْقُرْآنِ مَا لَا أَعْلَمُ» .
ـ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ سُلَيْمَانَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُرَّةَ، عَنْ أَبِي مَعْمَرٍ، قَالَ: قَالَ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ: «أَيُّ أَرْضٍ تُقِلُّنِي، وَأَيُّ سَمَاءٍ تُظِلُّنِي، إِذَا قُلْتُ فِي الْقُرْآنِ بِرَأْيِي أَوْ بِمَا لَا أَعْلَمُ» "
وقال ابن أبي شيبة في "المصنف":
- حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُسْهِرٍ ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَمْرٍو ، عَنِ الشَّعْبِيِّ ، قَالَ : أَدْرَكْت أَصْحَابَ عَبْدِ اللهِ وَأَصْحَابَ عَلِيٍّ وَلَيْسَ هُمْ لِشَيْءٍ مِنَ الْعِلْمِ أَكْرَهُ مِنْهُمْ لِتَفْسِيرِ الْقُرْآنِ ، قَالَ : وَكَانَ أَبُو بَكْرٍ يَقُولُ : أَيُّ سَمَاءٍ تُظِلُّنِي وَأَيُّ أَرْضٍ تُقِلُّنِي إذَا قُلْتُ فِي كِتَابِ اللهِ مَا لاَ أَعْلَمُ.
وهذا من قبيل التوقي والتحرز والاحتياط في التفسير؛لذا بوب عليه ابن أبي شيبة في "المصنف"من كرِه أن يفسّر القرآن.
قال ابن حجر في "الفتح":
" وأخرج أيضا من طريق إبراهيم التيمي أن أبا بكر سئل عن الأب ما هو؟ فقال: أي سماء تظلني فذكر مثله، وهو منقطع أيضا لكن أحدهما يقوي الآخر".
قال ابن عبد البر النمري في "جامع بيان العلم وفضله":
- أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، وَمُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَا: نا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ يَحْيَى، ثنا أَبُو سَعِيدِ بْنُ الْأَعْرَابِيِّ، ثنا مُوسَى بْنُ هَارُونَ الْحَمَّالُ، ثنا الْحِمَّانِيُّ قَالَ: نا خَالِدٌ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنْ زَاذَانَ، وَأَبِي الْبُخْتُرِيِّ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنَّهُ قَالَ: «أَيُّ أَرْضٍ تُقِلُّنِي؟ وَأَيُّ سَمَاءٍ تُظِلُّنِي إِذَا قُلْتُ فِي كِتَابِ اللَّهِ مَا لَا أَعْلَمُ؟» .
*عمر بن الخطاب ـ رضي الله عنه.
قال ابن أبي شيبة في "المصنف":
- حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ ، قَالَ : أَخْبَرَنَا حُمَيْدٌ ، عَنْ أَنَسٍ ، أَنَّ عُمَرَ ، قَرَأَ عَلَى الْمِنْبَرِ : {وَفَاكِهَةً وَأَبًّا} ثُمَّ قَالَ : هَذِهِ الْفَاكِهَةُ قَدْ عَرَفْنَاهَا فَمَا الأَبُّ ؟ ثُمَّ رَجَعَ إِلَى نَفْسِهِ فَقَالَ : إنَّ هَذَا لَهُوَ التَّكَلُّفُ يَا عُمَرُ.
قال ابن كثير في "تفسيره":
وَقَالَ أَبُو عَبِيدٍ الْقَاسِمُ بْنُ سَلَّامٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَزِيدَ حَدَّثَنَا الْعَوَّامُ بْنُ حَوْشَبٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيِّ قَالَ : سُئِلَ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ قَوْلِهِ تَعَالَى ( وَفَاكِهَةً وَأَبًّا ) فَقَالَ أَيُّ سَمَاءٍ تُظِلُّنِي وَأَيُّ أَرْضٍ تُقِلُّنِي إِنْ قُلْتُ فِي كِتَابِ اللَّهِ مَا لَا أَعْلَمُ .
وَهَذَا مُنْقَطِعٌ بَيْنَ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيِّ وَالصِّدِّيقِ فَأَمَّا مَا رَوَاهُ ابْنُ جَرِيرٍ حَيْثُ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ حَدَّثَنَا حُمَيْدٌ عَنْ أَنَسٍ قَالَ : قَرَأَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ ( عَبَسَ وَتَوَلَّى ) فَلَمَّا أَتَيَ عَلَى هَذِهِ الْآيَةِ ( وَفَاكِهَةً وَأَبًّا ) قَالَ عَرَفْنَا مَا الْفَاكِهَةُ فَمَا الْأَبُّ فَقَالَ لَعَمْرُكَ يَا ابْنَ الْخَطَّابِ إِنَّ هَذَا لَهُوَ التَّكَلُّفُ .
فَهُوَ إِسْنَادٌ صَحِيحٌ وَقَدْ رَوَاهُ غَيْرُ وَاحِدٍ عَنْ أَنَسٍ بِهِ وَهَذَا مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّهُ أَرَادَ أَنْ يَعْرِفَ شَكْلَهُ وَجِنْسَهُ وَعَيْنَهُ وَإِلَّا فَهُوَ وَكُلُّ مَنْ قَرَأَ هَذِهِ الْآيَةَ يَعْلَمُ أَنَّهُ مِنْ نَبَاتِ الْأَرْضِ لِقَوْلِهِ ( فَأَنْبَتْنَا فِيهَا حَبًّا وَعِنَبًا وَقَضْبًا وَزَيْتُونًا وَنَخْلًا وَحَدَائِقَ غُلْبًا وَفَاكِهَةً وَأَبًّا ) .
*ابن عباس ـ رضي الله عنهما.
قال ابن سعد في "الطبقات متمم الصحابة - الطبقة الخامسة":
36- قال: أخبرنا إسحاق بن يوسف الأزرق، قال: حدثنا عبد الملك ابن أبي سليمان،عن سعيد بن جبير، قال:
كان أناس من المهاجرين قد وجدوا على عمر في إدنائه ابن عباس دونهم قال: وكان يسأله. فقال عمر:أما إني سأريكم منه اليوم ما تعرفون فضله فسألهم عن هذه السورة:
«إِذا جاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ. وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْواجاً» قال: فقال بعضهم: أمر الله نبيه ص إذا رأى الناس يدخلون في دين الله أفواجا أن يحمده ويستغفره. قال: فقال عمر: يا ابن عباس ألا تكلم. قال:فقال: أعلمه متى يموت. قال: «إِذا جاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ. وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْواجاً» فهي آيتك من الموت.
«فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كانَ تَوَّاباً»،قال:
ثم سألهم عن ليلة القدر فأكثروا فيها فقال بعضهم: كنا نرى أنها في العشر الوسط ثم بلغنا أنها في العشر الأواخر،قال:
فأكثروا فيها. فقال بعضهم:
ليلة إحدى وعشرين. وقال بعضهم: ثلاث وعشرين،وقال بعضهم: سبع وعشرين. فقال عمر لابن عباس: ألا تكلم؟ قال: الله أعلم، قال:
قد نعلم أن الله أعلم إنما نسألك عن علمك، فقال ابن عباس:الله وتر يحب الوتر،خلق من خلقه سبع سموات فاستوى عليهن وخلق الأرض سبعا،وخلق عدة الأيام سبعا، وجعل طوافا بالبيت سبعا، ورمى الجمار سبعا وبين الصفا والمروة سبعا، وخلق الإنسان من سبع،وجعل رزقه من سبع.قال : فقال عمر: فكيف خلق الإنسان من سبع؟ وجعل رزقه من سبع؟ فقد فهمت من هذا أمراً ما فهمته.قال ابن عباس: إن الله يقول:
«وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ مِنْ سُلالَةٍ مِنْ طِينٍ ثُمَّ جَعَلْناهُ نُطْفَةً فِي قَرارٍ مَكِينٍ» حتى بلغ إلى قوله: «فَتَبارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخالِقِينَ» قال: ثم قرأ:
«أَنَّا صَبَبْنَا الْماءَ صَبًّا. ثُمَّ شَقَقْنَا الْأَرْضَ شَقًّا. فَأَنْبَتْنا فِيها حَبًّا. وَعِنَباً وَقَضْباً. وَزَيْتُوناً وَنَخْلًا. وَحَدائِقَ غُلْباً. وَفاكِهَةً وَأَبًّا» ،فأما السبعة فلبني آدم، وأما الأب فما أنبتت الأرض للأنعام، وأما ليلة القدر فما نراها- إن شاء الله- إلا ليلة ثلاث وعشرين يمضين وسبع يبقين.
وإسناده حسنٌ.
وقال ابن كثير في "تفسيره":
وَقَوْلُهُ ( وَفَاكِهَةً وَأَبًّا ) أَمَّا الْفَاكِهَةُ فَهُوَ مَا يَتَفَكَّهُ بِهِ مِنَ الثِّمَارِ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ الْفَاكِهَةُ كُلُّ مَا أُكِلَ رَطْبًا وَالْأَبُّ مَا أَنْبَتَتِ الْأَرْضُ مِمَّا تَأْكُلُهُ الدَّوَابُّ وَلَا يَأْكُلُهُ النَّاسُ وَفِي رِوَايَةِ عَنْهُ هُوَ الْحَشِيشُ لِلْبَهَائِمِ وَقَالَ مُجَاهِدٌ وَسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ وَأَبُو مَالِكٍ الْأَبُّ الْكَلَأُ . وَعَنْ مُجَاهِدٍ وَالْحَسَنِ وَقَتَادَةَ وَابْنِ زَيْدٍ الْأَبُّ لِلْبَهَائِمِ كَالْفَاكِهَةِ لِبَنِي آدَمَ وَعَنْ عَطَاءٍ كُلُّ شَيْءٍ نَبَتَ عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ فَهُوَ أَبٌّ وَقَالَ الضَّحَّاكُ كُلُّ شَيْءٍ أَنْبَتَتْهُ الْأَرْضُ سِوَى الْفَاكِهَةِ فَهُوَ أَبٌّ .
#اجتباها_وانتخبها_أبو_الهمام_طارق_عثمان
وصل اللهم على نبينا محمد وعلى آله وسلم والحمد لله رب العالمين
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق