استشهاد أبي عبد الله الزبير بن العوام بن خويلد الأسدي الحواري ـ رضي الله عنه.
الحمد لله رب العالمين و الصلاة و السلام على عبد الله و رسوله محمد بن عبد الله و على آله و صحبه أجمعين ،أما بعد:
قال أبو بكر عبد الله بن محمد بن أبي شيبة العبسي في "المصنف":
(5626ـ 42 ) حدثنا ابن إدريس عن حصين عن عمر بن جاوان عن الأحنف بن قيس قال : قدمنا المدينة ونحن نريد الحج ، فإنا لمنازلنا نضع رحالنا إذ أتانا آت ، فقال : إن الناس قد فزعوا واجتمعوا في المسجد ، فانطلقت فإذا الناس مجتمعون في المسجد ، فإذا علي والزبير وطلحة وسعد بن أبي وقاص ، قال : فإنا لكذلك إذا جاءنا عثمان ، فقيل : هذا عثمان ، فدخل عليه ملية له صفراء ، قد قنع بها رأسه ، قال : هاهنا علي ؟ قالوا : نعم ؛ قال : هاهنا الزبير ؟ قالوا : نعم ، قال : هاهنا طلحة ؟ قالوا : نعم ؛ قال هاهنا سعد ؟ قالوا : نعم ، قال : أنشدكم بالله الذي لا إله إلا هو هل تعلمون أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : من يبتاع مربد بني فلان غفر الله له ، فابتعته بعشرين ألفا أو بخمسة وعشرين ألفا ، فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت له : ابتعته ، قال : اجعله في مسجدنا ولك أجره فقالوا : اللهم نعم ، قال : فقال : أنشدكم بالله الذي لا إله إلا هو ، أتعلمون أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : من ابتاع بئر رومة غفر الله له ، فابتعتها بكذا وكذا ، ثم أتيته فقلت : قد ابتعتها ، قال : اجعلها سقاية للمسلمين وأجرها لك ، قالوا : اللهم نعم ، قال : أنشدكم بالله الذي لا إله إلا هو ، أتعلمون أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نظر في وجوه القوم فقال : من جهز هؤلاء غفر الله له يعني جيش العسرة ، فجهزتهم حتى لم يفقدوا خطاما ولا عقالا ، قال : قالوا : اللهم نعم ، قال : اللهم اشهد ثلاثا ، قال الأحنف : فانطلقت فأتيت طلحة والزبير فقلت : ما تأمراني به ومن ترضيانه لي ، فإني لا أرى هذا إلا مقتولا ، قالا : نأمرك بعلي ، قال : قلت : تأمراني به وترضيانه لي ؟ قالا : نعم ، قال : ثم انطلقت حاجا حتى قدمت مكة فبينا نحن بها إذ أتانا قتل عثمان وبها عائشة أم المؤمنين ، فلقيتها فقلت لها : من تأمريني به أن أبايع ؟ فقالت : عليا ، فقلت أتأمرينني به وترضينه لي ؟ قالت : نعم ، فمررت على علي بالمدينة فبايعته ، ثم رجعت إلى البصرة ، ولا أرى إلا أن الأمر قد استقام ؛ قال : فبينا أنا كذلك إذ أتاني آت ؛ فقال : هذه عائشة أم المؤمنين وطلحة والزبير قد نزلوا جانب الخربة ، قال : قلت : ما جاء بهم ؟ قال : أرسلوا إليك ليستنصروك على دم عثمان ، قتل مظلوما ، قال : فأتاني أفظع أمر أتاني قط فقلت : إن خذلاني هؤلاء ومعهم أم المؤمنين وحواري رسول الله صلى الله عليه وسلم لشديد ، وإن قتالي ابن عم رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد أن أمروني ببيعته لشديد ؛ فلما أتيتهم قالوا : جئنا نستنصر على دم عثمان ، قتل مظلوما ، قال : فقلت : يا أم المؤمنين ، أنشدك بالله ، هل قلت لك : من تأمريني به ؟ فقلت : عليا فقلت : تأمريني به وترضينه لي ؟ فقلت : نعم قالت : نعم ، ولكنه بدل ، قلت : يا زبير ، يا حواري رسول الله صلى الله عليه وسلم يا طلحة ، نشدتكما بالله أقلت لكما : من تأمراني به ؟ فقلتما : عليا ، فقلت : تأمراني به وترضيانه لي ؟ فقلتما : نعم ؟ قالا : بلى ، ولكنه بدل ، قال : فقلت : لا والله لا أقاتلكم ومعكم أم المؤمنين وحواري رسول الله صلى الله عليه وسلم أمرتموني ببيعته ؛ اختاروا مني بين إحدى ثلاث خصال : إما أن تفتحوا لي باب الجسر فألحق بأرض الأعاجم ، حتى يقضي الله من أمره ما قضى ، أو ألحق بمكة فأكون بها حتى يقضي الله من أمره ما قضى ، أو أعتزل فأكون قريبا ، قالوا : نأتمر ، ثم نرسل إليك ، فائتمروا فقالوا : نفتح له باب الجسر فيلحق به المنافق والخاذل ، ويلحق بمكة فيتعجسكم في قريش ويخبرهم بأخباركم ، ليس ذلك بأمر ، اجعلوه هاهنا قريبا حيث تطئون على صماخه ، وتنظرون إليه ، فاعتزل بالجلحاء من البصرة على فرسخين ، واعتزل معه زهاء ستة آلاف ، ثم التقى القوم ، فكان أول قتيل طلحة وكعب بن سور معه المصحف ، يذكر هؤلاء وهؤلاء حتى قتل منهم من قتل ، وبلغ الزبير سفوان من البصرة كمكان القادسية منكم ؛ فلقيه النضر رجل من بني مجاشع ، قال : أين تذهب يا حواري رسول الله ، إلي فأنت في ذمتي ، لا يوصل إليك ، فأقبل معه ، قال : فأتى إنسان الأحنف قال : هذا الزبير قد لقي بسفوان قال : فما يأمن ؟ جمع بين المسلمين حتى ضرب بعضهم حواجب بعض بالسيوف ، ثم لحق ببيته وأهله ، فسمعه عمير بن جرموز وغواة من غواة بني تميم وفضالة بن حابس ونفيع ، فركبوا في طلبه ، فلقوا معه النضر ، فأتاه عمير بن جرموز وهو على فرس له ضعيفة ، فطعنه طعنة خفيفة ، وحمل عليه الزبير وهو على فرس له يقال له " ذو الخمار " حتى إذا ظن أنه قاتله نادى صاحبيه : يا نفيع يا فضالة ، فحملوا عليه حتى قتلوه .
والأثر صححه ابن حجر في "الفتح".
*ثناء علي ـ رضي الله عنه ـ على الزبير وطلحة ـ رضي الله عنهما.
قال ابن حجر في "الفتح":
. ومن طريق عاصم بن كليب عن أبيه قال : قال علي : أتدرون بمن بليت ؟ أطوع الناس في الناس عائشة ، وأشد الناس الزبير ، وأدهى الناس طلحة ، وأيسر الناس يعلى بن أمية .
قلتُ:وقد قال ابن حجر قبله: وقد جمع عمر بن شبة في " كتاب أخبار البصرة " قصة الجمل مطولة ، وها أنا ألخصها وأقتصر على ما أورده بسند صحيح أو حسن وأبين ما عداه ".
قلتُ:وكان الزبيرُ شجاعاً جداً.
قال الذهبي في "السير":
وعن الثوري قال : هؤلاء الثلاثة نجدة الصحابة : حمزة ، وعلي ، والزبير .
وقال ابن أبي الدنيا في "مكارم الأخلاق":
ـ حَدَّثَنِي الْمُفَضَّلُ بْنُ غَسَّانَ ، حَدَّثَنِي أَبِي ، قَالَ : نا مُعَاذُ بْنُ مُعَاذٍ ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَسَنِ ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينارٍ , قَالَ : " كَانَ يُقَالُ : أَشْجَعُ النَّاسِ الزُّبَيْرُ، وَأَبْسَلُهُمْ عَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا ، قَالَ : وَالْبَاسِلُ فوْقَ الشُّجَاعِ".
قال أحمد في "مسنده":
662ـ حَدَّثَنَا هَاشِمٌ ، وَحَسَنٌ ، قَالَا : حَدَّثَنَا شَيْبَانُ ، عَنْ عَاصِمٍ ، عَنْ زِرِّ بْنِ حُبَيْشٍ ، قَالَ :
اسْتَأْذَنَ ابْنُ جُرْمُوزٍ عَلَى عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، فَقَالَ : مَنْ هَذَا ؟ قَالُوا : ابْنُ جُرْمُوزٍ يَسْتَأْذِنُ ، قَالَ : ائْذَنُوا لَهُ ، لِيَدْخُلْ قَاتِلُ الزُّبَيْرِ النَّارَ ، إِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ :
" إِنَّ لِكُلِّ نَبِيٍّ حَوَارِيًّا ، وَإِنَّ حَوَارِيَّ الزُّبَيْرُ " .
663ـ حَدَّثَنَا مُعَاوِيَةُ بْنُ عَمْرٍو ، حَدَّثَنَا زَائِدَةُ ، عَنْ عَاصِمٍ ، عَنْ زِرِّ بْنِ حُبَيْشٍ ، قَالَ : اسْتَأْذَنَ ابْنُ جُرْمُوزٍ عَلَى عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَأَنَا عِنْدَهُ ، فَقَالَ عَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ : بَشِّرْ قَاتِلَ ابْنِ صَفِيَّةَ بِالنَّارِ ، ثُمَّ قَالَ عَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ :
" إِنَّ لِكُلِّ نَبِيٍّ حَوَارِيًّا ، وَحَوَارِيَّ الزُّبَيْرُ " ، قال عبد الله : قال أبي : سَمِعْت سُفْيَانَ يَقُولُ : الْحَوَارِيُّ : النَّاصِرُ .
قال ابن حجر في "الفتح":
قوله ( لا يقتل اليوم إلا ظالم أو مظلوم ) قال ابن بطال : معناه ظالم عند خصمه مظلوم عند نفسه لأن كلا من الفريقين كان يتأول أنه على الصواب ، وقال ابن التين : معناه أنهم إما صحابي متأول فهو مظلوم وإما غير صحابي قاتل لأجل الدنيا فهو ظالم ، وقال الكرماني : إن قيل جميع الحروب كذلك فالجواب أنها أول حرب وقعت بين المسلمين . قلت : ويحتمل أن تكون " أو " للشك من الراوي ، وأن الزبير إنما قال أحد اللفظين ، أو للتنويع والمعنى لا يقتل اليوم إلا ظالم بمعنى أنه ظن أن الله يعجل للظالم منهم العقوبة ، أو لا يقتل اليوم إلا مظلوم بمعنى أنه ظن أن الله يعجل له الشهادة ، وظن على التقديرين أنه يقتل مظلوما إما لاعتقاده أنه كان مصيبا وإما لأنه كان سمع من النبي صلى الله عليه وسلم ما سمع علي وهو قوله لما جاءه قاتل الزبير " بشر قاتل ابن صفية بالنار " ورفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم كما رواه أحمد وغيره من طريق زر بن حبيش عن علي بإسناد صحيح ، ووقع عند الحاكم من طريق عثام بن علي عن هشام بن عروة في هذا الحديث مختصرا قال " والله لئن قتلت لأقتلن مظلوما ، والله ما فعلت وما فعلت " يعني شيئا من المعاصي .
قال ابن سعد في "الطبقات":
3482: أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ ، قَالَ : أَخْبَرَنَا أَبَانُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْبَجَلِيُّ ، قَالَ : حَدَّثَنِي نُعَيْمُ بْنُ أَبِي هِنْدٍ ، قَالَ : حَدَّثَنِي رِبْعِيُّ بْنُ حِرَاشٍ ، قَالَ : إِنِّي لَعِنْدَ عَلِيٍّ جَالِسٌ إِذْ جَاءَ ابْنُ طَلْحَةَ فَسَلَّمَ عَلَى عَلِيٍّ ، فَرَحَّبَ بِهِ عَلِيٌّ فَقَالَ :
تُرَحِّبُ بِي يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ وَقَدْ قَتَلْتَ وَالِدِي وَأَخَذْتَ مَالِي ؟ قَالَ :
" أَمَّا مَالُكَ فَهُوَ مَعْزُولٌ فِي بَيْتِ الْمَالِ ، فَاغْدُ إِلَى مَالِكَ فَخُذْهُ ، وَأَمَّا قَوْلُكَ : قَتَلْتَ أَبِي ، فَإِنِّي أَرْجُو أَنْ أَكُونَ أَنَا وَأَبُوكَ مِنَ الَّذِينَ قَالَ اللَّهُ :
وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ إِخْوَانًا عَلَى سُرُرٍ مُتَقَابِلِينَ سورة الحجر آية 47 " ، فَقَالَ رَجُلٌ مِنْ هَمْدَانَ أَعْوَرُ : اللَّهُ أَعْدَلُ مِنْ ذَلِكَ ، فَصَاحَ عَلِيٌّ صَيْحَةً تَدَاعَى لَهَا الْقَصْرُ ، قَالَ : " فَمَنْ ذَاكَ إِذَا لَمْ نَكُنْ نَحْنُ أُولَئِكَ ؟ " .
وقال الحاكم في "المستدرك":
صحيح الإسناد ولم يخرجاه .
#اجتباها_وانتخبها_أبو_الهمام_طارق_عثمان
وصل اللهم على نبينا محمد وعلى آله وسلم والحمد لله رب العالمين
الحمد لله رب العالمين و الصلاة و السلام على عبد الله و رسوله محمد بن عبد الله و على آله و صحبه أجمعين ،أما بعد:
قال أبو بكر عبد الله بن محمد بن أبي شيبة العبسي في "المصنف":
(5626ـ 42 ) حدثنا ابن إدريس عن حصين عن عمر بن جاوان عن الأحنف بن قيس قال : قدمنا المدينة ونحن نريد الحج ، فإنا لمنازلنا نضع رحالنا إذ أتانا آت ، فقال : إن الناس قد فزعوا واجتمعوا في المسجد ، فانطلقت فإذا الناس مجتمعون في المسجد ، فإذا علي والزبير وطلحة وسعد بن أبي وقاص ، قال : فإنا لكذلك إذا جاءنا عثمان ، فقيل : هذا عثمان ، فدخل عليه ملية له صفراء ، قد قنع بها رأسه ، قال : هاهنا علي ؟ قالوا : نعم ؛ قال : هاهنا الزبير ؟ قالوا : نعم ، قال : هاهنا طلحة ؟ قالوا : نعم ؛ قال هاهنا سعد ؟ قالوا : نعم ، قال : أنشدكم بالله الذي لا إله إلا هو هل تعلمون أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : من يبتاع مربد بني فلان غفر الله له ، فابتعته بعشرين ألفا أو بخمسة وعشرين ألفا ، فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت له : ابتعته ، قال : اجعله في مسجدنا ولك أجره فقالوا : اللهم نعم ، قال : فقال : أنشدكم بالله الذي لا إله إلا هو ، أتعلمون أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : من ابتاع بئر رومة غفر الله له ، فابتعتها بكذا وكذا ، ثم أتيته فقلت : قد ابتعتها ، قال : اجعلها سقاية للمسلمين وأجرها لك ، قالوا : اللهم نعم ، قال : أنشدكم بالله الذي لا إله إلا هو ، أتعلمون أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نظر في وجوه القوم فقال : من جهز هؤلاء غفر الله له يعني جيش العسرة ، فجهزتهم حتى لم يفقدوا خطاما ولا عقالا ، قال : قالوا : اللهم نعم ، قال : اللهم اشهد ثلاثا ، قال الأحنف : فانطلقت فأتيت طلحة والزبير فقلت : ما تأمراني به ومن ترضيانه لي ، فإني لا أرى هذا إلا مقتولا ، قالا : نأمرك بعلي ، قال : قلت : تأمراني به وترضيانه لي ؟ قالا : نعم ، قال : ثم انطلقت حاجا حتى قدمت مكة فبينا نحن بها إذ أتانا قتل عثمان وبها عائشة أم المؤمنين ، فلقيتها فقلت لها : من تأمريني به أن أبايع ؟ فقالت : عليا ، فقلت أتأمرينني به وترضينه لي ؟ قالت : نعم ، فمررت على علي بالمدينة فبايعته ، ثم رجعت إلى البصرة ، ولا أرى إلا أن الأمر قد استقام ؛ قال : فبينا أنا كذلك إذ أتاني آت ؛ فقال : هذه عائشة أم المؤمنين وطلحة والزبير قد نزلوا جانب الخربة ، قال : قلت : ما جاء بهم ؟ قال : أرسلوا إليك ليستنصروك على دم عثمان ، قتل مظلوما ، قال : فأتاني أفظع أمر أتاني قط فقلت : إن خذلاني هؤلاء ومعهم أم المؤمنين وحواري رسول الله صلى الله عليه وسلم لشديد ، وإن قتالي ابن عم رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد أن أمروني ببيعته لشديد ؛ فلما أتيتهم قالوا : جئنا نستنصر على دم عثمان ، قتل مظلوما ، قال : فقلت : يا أم المؤمنين ، أنشدك بالله ، هل قلت لك : من تأمريني به ؟ فقلت : عليا فقلت : تأمريني به وترضينه لي ؟ فقلت : نعم قالت : نعم ، ولكنه بدل ، قلت : يا زبير ، يا حواري رسول الله صلى الله عليه وسلم يا طلحة ، نشدتكما بالله أقلت لكما : من تأمراني به ؟ فقلتما : عليا ، فقلت : تأمراني به وترضيانه لي ؟ فقلتما : نعم ؟ قالا : بلى ، ولكنه بدل ، قال : فقلت : لا والله لا أقاتلكم ومعكم أم المؤمنين وحواري رسول الله صلى الله عليه وسلم أمرتموني ببيعته ؛ اختاروا مني بين إحدى ثلاث خصال : إما أن تفتحوا لي باب الجسر فألحق بأرض الأعاجم ، حتى يقضي الله من أمره ما قضى ، أو ألحق بمكة فأكون بها حتى يقضي الله من أمره ما قضى ، أو أعتزل فأكون قريبا ، قالوا : نأتمر ، ثم نرسل إليك ، فائتمروا فقالوا : نفتح له باب الجسر فيلحق به المنافق والخاذل ، ويلحق بمكة فيتعجسكم في قريش ويخبرهم بأخباركم ، ليس ذلك بأمر ، اجعلوه هاهنا قريبا حيث تطئون على صماخه ، وتنظرون إليه ، فاعتزل بالجلحاء من البصرة على فرسخين ، واعتزل معه زهاء ستة آلاف ، ثم التقى القوم ، فكان أول قتيل طلحة وكعب بن سور معه المصحف ، يذكر هؤلاء وهؤلاء حتى قتل منهم من قتل ، وبلغ الزبير سفوان من البصرة كمكان القادسية منكم ؛ فلقيه النضر رجل من بني مجاشع ، قال : أين تذهب يا حواري رسول الله ، إلي فأنت في ذمتي ، لا يوصل إليك ، فأقبل معه ، قال : فأتى إنسان الأحنف قال : هذا الزبير قد لقي بسفوان قال : فما يأمن ؟ جمع بين المسلمين حتى ضرب بعضهم حواجب بعض بالسيوف ، ثم لحق ببيته وأهله ، فسمعه عمير بن جرموز وغواة من غواة بني تميم وفضالة بن حابس ونفيع ، فركبوا في طلبه ، فلقوا معه النضر ، فأتاه عمير بن جرموز وهو على فرس له ضعيفة ، فطعنه طعنة خفيفة ، وحمل عليه الزبير وهو على فرس له يقال له " ذو الخمار " حتى إذا ظن أنه قاتله نادى صاحبيه : يا نفيع يا فضالة ، فحملوا عليه حتى قتلوه .
والأثر صححه ابن حجر في "الفتح".
*ثناء علي ـ رضي الله عنه ـ على الزبير وطلحة ـ رضي الله عنهما.
قال ابن حجر في "الفتح":
. ومن طريق عاصم بن كليب عن أبيه قال : قال علي : أتدرون بمن بليت ؟ أطوع الناس في الناس عائشة ، وأشد الناس الزبير ، وأدهى الناس طلحة ، وأيسر الناس يعلى بن أمية .
قلتُ:وقد قال ابن حجر قبله: وقد جمع عمر بن شبة في " كتاب أخبار البصرة " قصة الجمل مطولة ، وها أنا ألخصها وأقتصر على ما أورده بسند صحيح أو حسن وأبين ما عداه ".
قلتُ:وكان الزبيرُ شجاعاً جداً.
قال الذهبي في "السير":
وعن الثوري قال : هؤلاء الثلاثة نجدة الصحابة : حمزة ، وعلي ، والزبير .
وقال ابن أبي الدنيا في "مكارم الأخلاق":
ـ حَدَّثَنِي الْمُفَضَّلُ بْنُ غَسَّانَ ، حَدَّثَنِي أَبِي ، قَالَ : نا مُعَاذُ بْنُ مُعَاذٍ ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَسَنِ ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينارٍ , قَالَ : " كَانَ يُقَالُ : أَشْجَعُ النَّاسِ الزُّبَيْرُ، وَأَبْسَلُهُمْ عَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا ، قَالَ : وَالْبَاسِلُ فوْقَ الشُّجَاعِ".
قال أحمد في "مسنده":
662ـ حَدَّثَنَا هَاشِمٌ ، وَحَسَنٌ ، قَالَا : حَدَّثَنَا شَيْبَانُ ، عَنْ عَاصِمٍ ، عَنْ زِرِّ بْنِ حُبَيْشٍ ، قَالَ :
اسْتَأْذَنَ ابْنُ جُرْمُوزٍ عَلَى عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، فَقَالَ : مَنْ هَذَا ؟ قَالُوا : ابْنُ جُرْمُوزٍ يَسْتَأْذِنُ ، قَالَ : ائْذَنُوا لَهُ ، لِيَدْخُلْ قَاتِلُ الزُّبَيْرِ النَّارَ ، إِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ :
" إِنَّ لِكُلِّ نَبِيٍّ حَوَارِيًّا ، وَإِنَّ حَوَارِيَّ الزُّبَيْرُ " .
663ـ حَدَّثَنَا مُعَاوِيَةُ بْنُ عَمْرٍو ، حَدَّثَنَا زَائِدَةُ ، عَنْ عَاصِمٍ ، عَنْ زِرِّ بْنِ حُبَيْشٍ ، قَالَ : اسْتَأْذَنَ ابْنُ جُرْمُوزٍ عَلَى عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَأَنَا عِنْدَهُ ، فَقَالَ عَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ : بَشِّرْ قَاتِلَ ابْنِ صَفِيَّةَ بِالنَّارِ ، ثُمَّ قَالَ عَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ :
" إِنَّ لِكُلِّ نَبِيٍّ حَوَارِيًّا ، وَحَوَارِيَّ الزُّبَيْرُ " ، قال عبد الله : قال أبي : سَمِعْت سُفْيَانَ يَقُولُ : الْحَوَارِيُّ : النَّاصِرُ .
قال ابن حجر في "الفتح":
قوله ( لا يقتل اليوم إلا ظالم أو مظلوم ) قال ابن بطال : معناه ظالم عند خصمه مظلوم عند نفسه لأن كلا من الفريقين كان يتأول أنه على الصواب ، وقال ابن التين : معناه أنهم إما صحابي متأول فهو مظلوم وإما غير صحابي قاتل لأجل الدنيا فهو ظالم ، وقال الكرماني : إن قيل جميع الحروب كذلك فالجواب أنها أول حرب وقعت بين المسلمين . قلت : ويحتمل أن تكون " أو " للشك من الراوي ، وأن الزبير إنما قال أحد اللفظين ، أو للتنويع والمعنى لا يقتل اليوم إلا ظالم بمعنى أنه ظن أن الله يعجل للظالم منهم العقوبة ، أو لا يقتل اليوم إلا مظلوم بمعنى أنه ظن أن الله يعجل له الشهادة ، وظن على التقديرين أنه يقتل مظلوما إما لاعتقاده أنه كان مصيبا وإما لأنه كان سمع من النبي صلى الله عليه وسلم ما سمع علي وهو قوله لما جاءه قاتل الزبير " بشر قاتل ابن صفية بالنار " ورفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم كما رواه أحمد وغيره من طريق زر بن حبيش عن علي بإسناد صحيح ، ووقع عند الحاكم من طريق عثام بن علي عن هشام بن عروة في هذا الحديث مختصرا قال " والله لئن قتلت لأقتلن مظلوما ، والله ما فعلت وما فعلت " يعني شيئا من المعاصي .
قال ابن سعد في "الطبقات":
3482: أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ ، قَالَ : أَخْبَرَنَا أَبَانُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْبَجَلِيُّ ، قَالَ : حَدَّثَنِي نُعَيْمُ بْنُ أَبِي هِنْدٍ ، قَالَ : حَدَّثَنِي رِبْعِيُّ بْنُ حِرَاشٍ ، قَالَ : إِنِّي لَعِنْدَ عَلِيٍّ جَالِسٌ إِذْ جَاءَ ابْنُ طَلْحَةَ فَسَلَّمَ عَلَى عَلِيٍّ ، فَرَحَّبَ بِهِ عَلِيٌّ فَقَالَ :
تُرَحِّبُ بِي يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ وَقَدْ قَتَلْتَ وَالِدِي وَأَخَذْتَ مَالِي ؟ قَالَ :
" أَمَّا مَالُكَ فَهُوَ مَعْزُولٌ فِي بَيْتِ الْمَالِ ، فَاغْدُ إِلَى مَالِكَ فَخُذْهُ ، وَأَمَّا قَوْلُكَ : قَتَلْتَ أَبِي ، فَإِنِّي أَرْجُو أَنْ أَكُونَ أَنَا وَأَبُوكَ مِنَ الَّذِينَ قَالَ اللَّهُ :
وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ إِخْوَانًا عَلَى سُرُرٍ مُتَقَابِلِينَ سورة الحجر آية 47 " ، فَقَالَ رَجُلٌ مِنْ هَمْدَانَ أَعْوَرُ : اللَّهُ أَعْدَلُ مِنْ ذَلِكَ ، فَصَاحَ عَلِيٌّ صَيْحَةً تَدَاعَى لَهَا الْقَصْرُ ، قَالَ : " فَمَنْ ذَاكَ إِذَا لَمْ نَكُنْ نَحْنُ أُولَئِكَ ؟ " .
وقال الحاكم في "المستدرك":
صحيح الإسناد ولم يخرجاه .
#اجتباها_وانتخبها_أبو_الهمام_طارق_عثمان
وصل اللهم على نبينا محمد وعلى آله وسلم والحمد لله رب العالمين
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق