"جهاد أبي سليمان خالد بن الوليد المخزومي ـ رضي الله عنه ومغازيه مع النبي ـ صلى الله عليه وآله وسلم .
الحمد لله رب العالمين و الصلاة و السلام على عبد الله و رسوله محمد بن عبد الله و على آله و صحبه أجمعين و بعد:
* أولاً : إسلامه.
قال ابن هشام في "سيرته":
قال ابن إسحاق : وحدثني يزيد بن أبي حبيب ، عن راشد مولى حبيب بن أبي أوس الثقفي ، عن حبيب بن أبي أوس الثقفي ، قال : حدثني عمرو بن العاص من فيه ، قال : لما انصرفنا مع الأحزاب عن الخندق جمعت رجالا من قريش ، كانوا يرون رأيي ، ويسمعون مني ، فقلت لهم : تعلمون والله أني أرى أمر محمد يعلو الأمور علوا منكرا ، وإني قد رأيت أمرا ، فما ترون فيه ؟ قالوا : وماذا رأيت ؟ قال : رأيت أن نلحق بالنجاشي فنكون عنده ، فإن ظهر محمد على قومنا كنا عند النجاشي ، فإنا أن نكون تحت يديه أحب إلينا من أن نكون تحت يدي محمد وإن ظهر قومنا فنحن من قد عرفوا ، فلن يأتينا منهم إلا خير ، قالوا : إن هذا الرأي [ ص: 277 ] قلت : فاجمعوا لنا ما نهديه له ، وكان أحب ما يهدى إليه من أرضنا الأدم . فجمعنا له أدما كثيرا ، ثم خرجنا حتى قدمنا عليه
فوالله إنا لعنده إذ جاءه عمرو بن أمية الضمري ، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد بعثه إليه في شأن جعفر وأصحابه قال : فدخل عليه ثم خرج من عنده . قال : فقلت لأصحابي : هذا عمرو بن أمية الضمري ، لو قد دخلت على النجاشي وسألته إياه فأعطانيه ، فضربت عنقه ، فإذا فعلت ذلك رأت قريش أني قد أجزأت عنها حين قتلت رسول محمد ،قال : فدخلت عليه فسجدت له كما كنت أصنع ، فقال : مرحبا بصديقي ، أهديت إلي من بلادك شيئا ؟ قال : قلت : نعم ، أيها الملك ، قد أهديت إليك أدما كثيرا ؛ قال : ثم قربته إليه ، فأعجبه واشتهاه ثم قلت له : أيها الملك ، إني قد رأيت رجلا خرج من عندك ، وهو رسول رجل عدو لنا ، فأعطنيه لأقتله ، فإنه قد أصاب من أشرافنا وخيارنا ؛ قال : فغضب ، ثم مد يده فضرب بها أنفه ضربة ظننت أنه قد كسره ، فلو انشقت لي الأرض لدخلت فيها فرقا منه ؛ ثم قلت له : أيها الملك ، والله لو ظننت أنك تكره هذا ما سألتكه ؛ قال : أتسألني أن أعطيك رسول رجل يأتيه الناموس الأكبر الذي كان يأتي موسى لتقتله قال : قلت : أيها الملك ، أكذاك هو ؟ قال : ويحك يا عمرو أطعني واتبعه ، فإنه والله لعلى الحق ، وليظهرن على من خالفه ، كما ظهر موسى على فرعون وجنوده ، قال : قلت : أفتبايعني له على الإسلام ؟ قال : نعم ، فبسط يده ، فبايعته على الإسلام ، ثم خرجت إلى أصحابي وقد حال رأيي عما كان عليه ، وكتمت أصحابي إسلامي ، ثم خرجت عامدا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم لأسلم ، فلقيت خالد بن الوليد ، وذلك قبيل الفتح ، وهو مقبل من مكة ، فقلت : أين يا أبا سليمان ؟ [ ص: 278 ] قال : والله لقد استقام المنسم ، وإن الرجل لنبي ، أذهب والله فأسلم ، فحتى متى ؛ قال : قلت : والله ما جئت إلا لأسلم ،قال : فقدمنا المدينة على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فتقدم خالد بن الوليد فأسلم وبايع ، ثم دنوت ، فقلت : يا رسول الله ، إني أبايعك على أن يغفر لي ما تقدم من ذنبي ، ولا أذكر ما تأخر ؛ قال : فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : يا عمرو ، بايع ، فإن الإسلام يجب ما كان قبله ، وإن الهجرة تجب ما كان قبلها قال : فبايعته ، ثم انصرفت .
================
ثانياً: عنايته بالجهاد.
قال أبو عبد الله البخاري في "صحيحه":
1410 حدثنا أبو اليمان ، أخبرنا شعيب ، حدثنا أبو الزناد ، عن الأعرج ، عن أبي هريرة رضي الله عنه ، قال : أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بالصدقة ، فقيل منع ابن جميل ، وخالد بن الوليد ، وعباس بن عبد المطلب فقال النبي صلى الله عليه وسلم : ما ينقم ابن جميل إلا أنه كان فقيرا ، فأغناه الله ورسوله ، وأما خالد : فإنكم تظلمون خالدا ، قد احتبس أدراعه وأعتده في سبيل الله ، وأما العباس بن عبد المطلب ، فعم رسول الله صلى الله عليه وسلم فهي عليه صدقة ومثلها معها".
3957ـ حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ ، عَنْ قَيْسِ بْنِ أَبِي حَازِمٍ ، قَالَ : سَمِعْتُ خَالِدَ بْنَ الْوَلِيدِ ، يَقُولُ :
" لَقَدِ انْقَطَعَتْ فِي يَدِي يَوْمَ مُؤْتَةَ تِسْعَةُ أَسْيَافٍ ، فَمَا بَقِيَ فِي يَدِي إِلَّا صَفِيحَةٌ يَمَانِيَةٌ " .
3958ـ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى ، حَدَّثَنَا يَحْيَى ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ ، قَالَ : حَدَّثَنِي قَيْسٌ ، قَالَ : سَمِعْتُ خَالِدَ بْنَ الْوَلِيدِ ، يَقُولُ :
" لَقَدْ دُقَّ فِي يَدِي يَوْمَ مُؤْتَةَ تِسْعَةُ أَسْيَافٍ ، وَصَبَرَتْ فِي يَدِي صَفِيحَةٌ لِي يَمَانِيَةٌ " .
قال أحمد في فضائل الصحابة :
1306ـ قثنا يَحْيَى بْنُ زَكَرِيَّا ، قَالَ : حَدَّثَنِي إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ ، عَنْ قَيْسِ بْنِ أَبِي حَازِمٍ ، قَالَ : قَالَ خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ :
" مَا لَيْلَةٌ تُهْدَى إِلَيَّ فِيهَا عَرُوسٌ أَنَا لَهَا مُحِبٌّ ، أَوْ أُبَشَّرُ فِيهَا بِغُلامٍ ، بِأَحَبَّ إِلَيَّ مِنْ لَيْلَةٍ شَدِيدَةٍ الْجَلِيدِ فِي سَرِيَّةٍ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ أُصَبِّحُ بِهَا الْعَدُوَّ " .
1307ـ نا يَحْيَى بْنُ زَكَرِيَّا ، قَالَ : حَدَّثَنِي إِسْمَاعِيلُ ، وَابْنُ نُمَيْرٍ , عَنْ إِسْمَاعِيلَ ، عَنْ قَيْسٍ ، قَالَ ابْنُ نُمَيْرٍ : سَمِعْتُ خَالِدَ بْنَ الْوَلِيدِ ، يَقُولُ :
" لَقَدْ مَنَعَنِي كَثِيرًا مِنَ الْقِرَاءَةِ " ، قَالَ ابْنُ نُمَيْرٌ : مِنَ الْقُرْآنِ الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ .
================
ثالثاً: مغازيه.
أـ غزوة مؤتة.
قال البخاري في صحيحه :
3497ـ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ وَاقِدٍ ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ ، عَنْ أَيُّوبَ ، عَنْ حُمَيْدِ بْنِ هِلَالٍ ، عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ،
أَنّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَعَى زَيْدًا , وَجَعْفَرًا , وَابْنَ رَوَاحَةَ لِلنَّاسِ قَبْلَ أَنْ يَأْتِيَهُمْ خَبَرُهُمْ ، فَقَالَ :
" أَخَذَ الرَّايَةَ زَيْدٌ فَأُصِيبَ ثُمَّ أَخَذَ جَعْفَرٌ فَأُصِيبَ ، ثُمَّ أَخَذَ ابْنُ رَوَاحَةَ فَأُصِيبَ وَعَيْنَاهُ تَذْرِفَانِ حَتَّى أَخَذَ سَيْفٌ مِنْ سُيُوفِ اللَّهِ حَتَّى فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ " .
3957ـ حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ ، عَنْ قَيْسِ بْنِ أَبِي حَازِمٍ ، قَالَ : سَمِعْتُ خَالِدَ بْنَ الْوَلِيدِ ، يَقُولُ :
" لَقَدِ انْقَطَعَتْ فِي يَدِي يَوْمَ مُؤْتَةَ تِسْعَةُ أَسْيَافٍ ، فَمَا بَقِيَ فِي يَدِي إِلَّا صَفِيحَةٌ يَمَانِيَةٌ " .
3958ـ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى ، حَدَّثَنَا يَحْيَى ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ ، قَالَ : حَدَّثَنِي قَيْسٌ ، قَالَ : سَمِعْتُ خَالِدَ بْنَ الْوَلِيدِ ، يَقُولُ :
" لَقَدْ دُقَّ فِي يَدِي يَوْمَ مُؤْتَةَ تِسْعَةُ أَسْيَافٍ ، وَصَبَرَتْ فِي يَدِي صَفِيحَةٌ لِي يَمَانِيَةٌ " .
قال أحمد في " مسنده":
1686ـ حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ ، حَدَّثَنَا أَبِي ، قَالَ : سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ أَبِي يَعْقُوبَ يُحَدِّثُ ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ سَعْدٍ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ ، قَالَ :
بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَيْشًا اسْتَعْمَلَ عَلَيْهِمْ زَيْدَ بْنَ حَارِثَةَ , وَقَالَ : " فَإِنْ قُتِلَ زَيْدٌ أَوْ اسْتُشْهِدَ فَأَمِيرُكُمْ جَعْفَرٌ ، فَإِنْ قُتِلَ أَوْ اسْتُشْهِدَ فَأَمِيرُكُمْ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَوَاحَةَ " ، فَلَقُوا الْعَدُوَّ ، فَأَخَذَ الرَّايَةَ زَيْدٌ فَقَاتَلَ حَتَّى قُتِلَ ، ثُمَّ أَخَذَ الرَّايَةَ جَعْفَرٌ فَقَاتَلَ حَتَّى قُتِلَ ، ثُمَّ أَخَذَهَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَوَاحَةَ فَقَاتَلَ حَتَّى قُتِلَ ، ثُمَّ أَخَذَ الرَّايَةَ خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ فَفَتَحَ اللَّهُ عَلَيْهِ ، وَأَتَى خَبَرُهُمْ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَخَرَجَ إِلَى النَّاسِ , فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ ، وَقَالَ : " إِنَّ إِخْوَانَكُمْ لَقُوا الْعَدُوَّ ، وَإِنَّ زَيْدًا أَخَذَ الرَّايَةَ فَقَاتَلَ حَتَّى قُتِلَ أَوْ اسْتُشْهِدَ ، ثُمَّ أَخَذَ الرَّايَةَ بَعْدَهُ جَعْفَرُ بْنُ أَبِي طَالِبٍ فَقَاتَلَ حَتَّى قُتِلَ أَوْ اسْتُشْهِدَ ، ثُمَّ أَخَذَ الرَّايَةَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَوَاحَةَ فَقَاتَلَ حَتَّى قُتِلَ أَوْ اسْتُشْهِدَ ، ثُمَّ أَخَذَ الرَّايَةَ سَيْفٌ مِنْ سُيُوفِ اللَّهِ خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ فَفَتَحَ اللَّهُ عَلَيْهِ " ، فَأَمْهَلَ ثُمَّ أَمْهَلَ آلَ جَعْفَرٍ ثَلَاثًا أَنْ يَأْتِيَهُمْ ، ثُمَّ أَتَاهُمْ فَقَالَ : " لَا تَبْكُوا عَلَى أَخِي بَعْدَ الْيَوْمِ أَوْ غَدٍ ، ادْعُوا لِي ابْنَيْ أَخِي " ، قَالَ : فَجِيءَ بِنَا كَأَنَّا أَفْرُخٌ ، فَقَالَ : " ادْعُوا لِيَّ الْحَلَّاقَ " ، فَجِيءَ بِالْحَلَّاقِ فَحَلَقَ رُءُوسَنَا ، ثُمَّ قَالَ : أَمَّا مُحَمَّدٌ فَشَبِيهُ عَمِّنَا أَبِي طَالِبٍ ، وَأَمَّا عَبْدُ اللَّهِ فَشَبِيهُ خَلْقِي وَخُلُقِي ، ثُمَّ أَخَذَ بِيَدِي ، فَأَشَالَهَا ، فَقَالَ : " اللَّهُمَّ اخْلُفْ جَعْفَرًا فِي أَهْلِهِ ، وَبَارِكْ لِعَبْدِ اللَّهِ فِي صَفْقَةِ يَمِينِهِ " ، قَالَهَا ثَلَاثَ مِرَارٍ ، قَالَ : فَجَاءَتْ أُمُّنَا ، فَذَكَرَتْ لَهُ يُتْمَنَا ، وَجَعَلَتْ تُفْرِحُ لَهُ ، فَقَالَ : " الْعَيْلَةَ تَخَافِينَ عَلَيْهِمْ وَأَنَا وَلِيُّهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ ؟ " .وإسناد صحيح .
قال أحمد في " مسنده":
21957ـ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ ، حَدَّثَنَا الْأَسْوَدُ بْنُ شَيْبَانَ ، عَنْ خَالِدِ بْنِ سُمَيْرٍ , قَالَ : قَدِمَ عَلَيْنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَبَاحٍ فَوَجَدْتُهُ قَدْ اجْتَمَعَ إِلَيْهِ نَاسٌ مِنَ النَّاسِ ، قَالَ : حَدَّثَنَا أَبُو قَتَادَةَ فَارِسُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قَالَ :
بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَيْشَ الْأُمَرَاءِ ، وَقَالَ : " عَلَيْكُمْ زَيْدُ بْنُ حَارِثَةَ ، فَإِنْ أُصِيبَ زَيْدٌ ، فجَعْفَرٌ ، فَإِنْ أُصِيبَ جَعْفَرٌ ، فعَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَوَاحَةَ الْأَنْصَارِيُّ " , فَوَثَبَ جَعْفَرٌ ، فَقَالَ : بِأَبِي أَنْتَ يَا نَبِيَّ اللَّهِ وَأُمِّي ، مَا كُنْتُ أَرْهَبُ أَنْ تَسْتَعْمِلَ عَلَيَّ زَيْدًا ، قَالَ : " امْضُوا فَإِنَّكَ لَا تَدْرِي أَيُّ ذَلِكَ خَيْرٌ " , قَالَ : فَانْطَلَقَ الْجَيْشُ فَلَبِثُوا مَا شَاءَ اللَّهُ ، ثُمَّ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَعِدَ الْمِنْبَرَ , وَأَمَرَ أَنْ يُنَادَى الصَّلَاةُ جَامِعَةٌ ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " نَابَ خَبْرٌ أَوْ ثَابَ خَبْرٌ شَكَّ عَبْدُ الرَّحْمَنِ , أَلَا أُخْبِرُكُمْ عَنْ جَيْشِكُمْ هَذَا الْغَازِي ، إِنَّهُمْ انْطَلَقُوا حَتَّى لَقُوا الْعَدُوَّ ، فَأُصِيبَ زَيْدٌ شَهِيدًا ، فَاسْتَغْفِرُوا لَهُ " , فَاسْتَغْفَرَ لَهُ النَّاسُ , " ثُمَّ أَخَذَ اللِّوَاءَ جَعْفَرُ بْنُ أَبِي طَالِبٍ فَشَدَّ عَلَى الْقَوْمِ حَتَّى قُتِلَ شَهِيدًا ، أَشْهَدُ لَهُ بِالشَّهَادَةِ ، فَاسْتَغْفِرُوا لَهُ ، ثُمَّ أَخَذَ اللِّوَاءَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَوَاحَةَ ، فَأَثْبَتَ قَدَمَيْهِ حَتَّى أُصِيبَ شَهِيدًا ، فَاسْتَغْفِرُوا لَهُ ، ثُمَّ أَخَذَ اللِّوَاءَ خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ وَلَمْ يَكُنْ مِنَ الْأُمَرَاءِ ، هُوَ أَمَّرَ نَفْسَهُ " , فَرَفَعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُصْبُعَيْهِ ، وَقَالَ : " اللَّهُمَّ هُوَ سَيْفٌ مِنْ سُيُوفِكَ ، فَانْصُرْهُ ، وَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ : مَرَّةً فَانْتَصِرْ بِهِ " , فَيَوْمَئِذٍ سُمِّيَ خَالِدٌ سَيْفَ اللَّهِ ، ثُمَّ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " انْفِرُوا فَأَمِدُّوا إِخْوَانَكُمْ وَلَا يَتَخَلَّفَنَّ أَحَدٌ " , فَنَفَرَ النَّاسُ فِي حَرٍّ شَدِيدٍ مُشَاةً وَرُكْبَانًا .
قال ابن هشام في " سيرته": قال ابن إسحاق [ ص: 379 ] : وحدثني يحيى بن عباد بن عبد الله بن الزبير ، عن أبيه عباد قال : حدثني أبي الذي أرضعني ، وكان أحد بني مرة بن عوف ، قال فلما قتل جعفر أخذ عبد الله بن رواحة الراية ، ثم تقدم بها ، وهو على فرسه ، فجعل يستنزل نفسه ، ويتردد بعض التردد ، ثم قال :
أقسمت يا نفس لتنزلنه لتنزلن أو لتكرهنه إن أجلب الناس وشدوا الرنه
مالي أراك تكرهين الجنه قد طال ما قد كنت مطمئنه
هل أنت إلا نطفة في شنه
وقال أيضا :
يا نفس إلا تقتلي تموتي هذا حمام الموت قد صليت
وما تمنيت فقد أعطيت إن تفعلي فعلهما هديت
يريد صاحبيه : زيدا وجعفرا ؛ ثم نزل فلما نزل أتاه ابن عم له بعرق من لحم فقال : شد بهذا صلبك ، فإنك قد لقيت في أيامك هذه ما لقيت ، فأخذه من يده ثم انتهس منه نهسة ، ثم سمع الحطمة في ناحية الناس ، فقال : وأنت في الدنيا ثم ألقاه من يده ، ثم أخذ سيفه فتقدم ، فقاتل حتى قتل
تم أخذ الراية ثابت بن أقرم أخو بني العجلان ، فقال : يا معشر المسلمين اصطلحوا على رجل منكم ، قالوا : أنت ، قال : ما أنا بفاعل . فاصطلح الناس على [ ص: 380 ] خالد بن الوليد ، فلما أخذ الراية دافع القوم . وحاشى بهم ثم انحاز وانحيز عنه ، حتى انصرف بالناس .
قال مسلم في " صحيحه":
3303ـ وحَدَّثَنِي أَبُو الطَّاهِرِ أَحْمَدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ سَرْحٍ ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ ، أَخْبَرَنِي مُعَاوِيَةُ بْنُ صَالِحٍ ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ جُبَيْرٍ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ عَوْفِ بْنِ مَالِكٍ ، قَالَ :
" قَتَلَ رَجُلٌ مِنْ حِمْيَرَ رَجُلًا مِنَ الْعَدُوِّ ، فَأَرَادَ سَلَبَهُ ، فَمَنَعَهُ خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ وَكَانَ وَالِيًا عَلَيْهِمْ ، فَأَتَى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، عَوْفُ بْنُ مَالِكٍ فَأَخْبَرَهُ ، فَقَالَ لِخَالِدٍ : مَا مَنَعَكَ أَنْ تُعْطِيَهُ سَلَبَهُ ؟ ، قَالَ : اسْتَكْثَرْتُهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ ، قَالَ : ادْفَعْهُ إِلَيْهِ ، فَمَرَّ خَالِدٌ ، بِعَوْفٍ فَجَرَّ بِرِدَائِهِ ، ثُمَّ قَالَ : هَلْ أَنْجَزْتُ لَكَ مَا ذَكَرْتُ لَكَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ؟ ، فَسَمِعَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَاسْتُغْضِبَ ، فَقَالَ : لَا تُعْطِهِ يَا خَالِدُ لَا تُعْطِهِ يَا خَالِدُ ، هَلْ أَنْتُمْ تَارِكُونَ لِي أُمَرَائِي ؟ إِنَّمَا مَثَلُكُمْ وَمَثَلُهُمْ كَمَثَلِ رَجُلٍ اسْتُرْعِيَ إِبِلًا أَوْ غَنَمًا ، فَرَعَاهَا ثُمَّ تَحَيَّنَ سَقْيَهَا فَأَوْرَدَهَا حَوْضًا ، فَشَرَعَتْ فِيهِ ، فَشَرِبَتْ صَفْوَهُ وَتَرَكَتْ كَدْرَهُ فَصَفْوُهُ لَكُمْ وَكَدْرُهُ عَلَيْهِمْ " ، وحَدَّثَنِي زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ ، حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ ، حَدَّثَنَا صَفْوَانُ بْنُ عَمْرٍو ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ نُفَيْرٍ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ عَوْفِ بْنِ مَالِكٍ الْأَشْجَعِيِّ ، قَالَ : خَرَجْتُ مَعَ مَنْ خَرَجَ مَعَ زَيْدِ بْنِ حَارِثَةَ فِي غَزْوَةِ مُؤْتَةَ ، وَرَافَقَنِي مَدَدِيٌّ مِنْ الْيَمَنِ وَسَاقَ الْحَدِيثَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِنَحْوِهِ غَيْرَ ، أَنَّهُ قَالَ : فِي الْحَدِيثِ ، قَالَ عَوْفٌ : فَقُلْتُ يَا خَالِدُ أَمَا عَلِمْتَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَضَى بِالسَّلَبِ لِلْقَاتِلِ ، قَالَ : بَلَى وَلَكِنِّي اسْتَكْثَرْتُهُ .
=============
ب ـ فتح مكة.
قال مسلم في " صحيحه":
(1780) حَدَّثَنَا شَيْبَانُ بْنُ فَرُّوخَ، حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ الْمُغِيرَةِ، حَدَّثَنَا ثَابِتٌ الْبُنَانِيُّ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ رَبَاحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: وَفَدَتْ وُفُودٌ إِلَى مُعَاوِيَةَ وَذَلِكَ فِي رَمَضَانَ، فَكَانَ يَصْنَعُ بَعْضُنَا لِبَعْضٍ الطَّعَامَ، فَكَانَ أَبُو هُرَيْرَةَ مِمَّا يُكْثِرُ أَنْ يَدْعُوَنَا إِلَى رَحْلِهِ، فَقُلْتُ: أَلَا أَصْنَعُ طَعَامًا فَأَدْعُوَهُمْ إِلَى رَحْلِي؟ فَأَمَرْتُ بِطَعَامٍ يُصْنَعُ، ثُمَّ لَقِيتُ أَبَا هُرَيْرَةَ مِنَ الْعَشِيِّ، فَقُلْتُ: الدَّعْوَةُ عِنْدِي اللَّيْلَةَ، فَقَالَ: سَبَقْتَنِي، قُلْتُ: نَعَمْ، فَدَعَوْتُهُمْ، فَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: أَلَا أُعْلِمُكُمْ بِحَدِيثٍ مِنْ حَدِيثِكُمْ يَا مَعْشَرَ الْأَنْصَارِ، ثُمَّ ذَكَرَ فَتْحَ مَكَّةَ، فَقَالَ: أَقْبَلَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى قَدِمَ مَكَّةَ، فَبَعَثَ الزُّبَيْرَ عَلَى إِحْدَى الْمُجَنِّبَتَيْنِ، وَبَعَثَ خَالِدًا عَلَى الْمُجَنِّبَةِ الْأُخْرَى، وَبَعَثَ أَبَا عُبَيْدَةَ عَلَى الْحُسَّرِ، فَأَخَذُوا بَطْنَ الْوَادِي، وَرَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي كَتِيبَةٍ، قَالَ: فَنَظَرَ فَرَآنِي، فَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: قُلْتُ: لَبَّيْكَ يَا رَسُولَ اللهِ، فَقَالَ: «لَا يَأْتِينِي إِلَّا أَنْصَارِيٌّ» - زَادَ غَيْرُ شَيْبَانَ -، فَقَالَ: «اهْتِفْ لِي بِالْأَنْصَارِ»، قَالَ: فَأَطَافُوا بِهِ، وَوَبَّشَتْ قُرَيْشٌ أَوْبَاشًا لَهَا، وَأَتْبَاعًا، فَقَالُوا: نُقَدِّمُ هَؤُلَاءِ، فَإِنْ كَانَ لَهُمْ شَيْءٌ كُنَّا مَعَهُمْ، وَإِنْ أُصِيبُوا أَعْطَيْنَا الَّذِي سُئِلْنَا، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «تَرَوْنَ إِلَى أَوْبَاشِ قُرَيْشٍ، وَأَتْبَاعِهِمْ»، ثُمَّ قَالَ بِيَدَيْهِ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى، ثُمَّ قَالَ: «حَتَّى تُوَافُونِي بِالصَّفَا»، قَالَ: فَانْطَلَقْنَا فَمَا شَاءَ أَحَدٌ مِنَّا أَنْ يَقْتُلَ أَحَدًا إِلَّا قَتَلَهُ، وَمَا أَحَدٌ مِنْهُمْ -[1406]- يُوَجِّهُ إِلَيْنَا شَيْئًا، قَالَ: فَجَاءَ أَبُو سُفْيَانَ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، أُبِيحَتْ خَضْرَاءُ قُرَيْشٍ، لَا قُرَيْشَ بَعْدَ الْيَوْمِ، ثُمَّ قَالَ: «مَنْ دَخَلَ دَارَ أَبِي سُفْيَانَ فَهُوَ آمِنٌ»، فَقَالَتِ الْأَنْصَارُ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ: أَمَّا الرَّجُلُ فَأَدْرَكَتْهُ رَغْبَةٌ فِي قَرْيَتِهِ، وَرَأْفَةٌ بِعَشِيرَتِهِ، قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: وَجَاءَ الْوَحْيُ وَكَانَ إِذَا جَاءَ الْوَحْيُ لَا يَخْفَى عَلَيْنَا، فَإِذَا جَاءَ فَلَيْسَ أَحَدٌ يَرْفَعُ طَرْفَهُ إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى يَنْقَضِيَ الْوَحْيُ، فَلَمَّا انْقَضَى الْوَحْيُ، قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «يَا مَعْشَرَ الْأَنْصَارِ» قَالُوا: لَبَّيْكَ يَا رَسُولَ اللهِ، قَالَ: " قُلْتُمْ: أَمَّا الرَّجُلُ فَأَدْرَكَتْهُ رَغْبَةٌ فِي قَرْيَتِهِ؟ " قَالُوا: قَدْ كَانَ ذَاكَ، قَالَ: «كَلَّا، إِنِّي عَبْدُ اللهِ وَرَسُولُهُ، هَاجَرْتُ إِلَى اللهِ وَإِلَيْكُمْ، وَالْمَحْيَا مَحْيَاكُمْ وَالْمَمَاتُ مَمَاتُكُمْ»، فَأَقْبَلُوا إِلَيْهِ يَبْكُونَ وَيَقُولُونَ: وَاللهِ، مَا قُلْنَا الَّذِي قُلْنَا إِلَّا الضِّنَّ بِاللهِ وَبِرَسُولِهِ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ اللهَ وَرَسُولَهُ يُصَدِّقَانِكُمْ، وَيَعْذِرَانِكُمْ»، قَالَ: فَأَقْبَلَ النَّاسُ إِلَى دَارِ أَبِي سُفْيَانَ، وَأَغْلَقَ النَّاسُ أَبْوَابَهُمْ، قَالَ: وَأَقْبَلَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى أَقْبَلَ إِلَى الْحَجَرِ، فَاسْتَلَمَهُ ثُمَّ طَافَ بِالْبَيْتِ، قَالَ: فَأَتَى عَلَى صَنَمٍ إِلَى جَنْبِ الْبَيْتِ كَانُوا يَعْبُدُونَهُ، قَالَ: وَفِي يَدِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَوْسٌ وَهُوَ آخِذٌ بِسِيَةِ الْقَوْسِ، فَلَمَّا أَتَى عَلَى الصَّنَمِ جَعَلَ يَطْعُنُهُ فِي عَيْنِهِ، وَيَقُولُ: {جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ} [الإسراء: 81]، فَلَمَّا فَرَغَ مِنْ طَوَافِهِ أَتَى الصَّفَا، فَعَلَا عَلَيْهِ حَتَّى نَظَرَ إِلَى الْبَيْتِ، وَرَفَعَ يَدَيْهِ فَجَعَلَ يَحْمَدُ اللهَ وَيَدْعُو بِمَا شَاءَ أَنْ يَدْعُوَ".
قال الطحاوي في " شرح معاني الآثار":3540ـ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي دَاوُدَ قَالَ : ثنا الْقَاسِمُ بْنُ سَلامِ بْنِ مِسْكِينٍ ، قَالَ : حَدَّثَنِي أَبِي ، قَالَ : ثنا ثَابِتٌ الْبُنَانِيُّ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ رَبَاحٍ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، حِينَ سَارَ إِلَى مَكَّةَ لِيَسْتَفْتِحَهَا ، فَسَرَّحَ أَبَا عُبَيْدَةَ بْنَ الْجَرَّاحِ ، وَالزُّبَيْرَ بْنَ الْعَوَّامِ ، وَخَالِدَ بْنَ الْوَلِيدِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ ، فَلَمَّا بَعَثَهُمْ ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لأَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ : " اهْتِفْ بِالأَنْصَارِ " ، فَنَادَى : يَا مَعْشَرَ الأَنْصَارِ أَجِيبُوا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَجَاءُوا كَمَا كَانُوا عَلَى مُعْتَادٍ ، ثُمَّ قَالَ :
" اسْلُكُوا هَذَا الطَّرِيقَ ، وَلا يُشْرِفَنَّ أَحَدٌ إِلا " أَيْ : قَتَلْتُمُوهُ ، وَسَارَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَفَتَحَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنْ قَتْلَ يَوْمَئِذٍ الأَرْبَعَةِ ، قَالَ : ثُمَّ دَخَلَ صَنَادِيدُ قُرَيْشٍ مِنَ الْمُشْرِكِينَ الْكَعْبَةَ ، وَهُمْ يَظُنُّونَ أَنَّ السَّيْفَ لا يُرْفَعُ عَنْهُمْ ، ثُمَّ طَافَ وَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ ، ثُمَّ أَتَى الْكَعْبَةَ فَأَخَذَ بِعِضَادَتَيِ الْبَابِ ، فَقَالَ : " مَا تَقُولُونَ وَمَا تَظُنُّونَ ؟ " فَقَالُوا : نَقُولُ أَخٌ ، وَابْنُ عَمٍّ حَلِيمٌ رَحِيمٌ ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " أَقُولُ كَمَا قَالَ يُوسُفُ لا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ يَغْفِرُ اللَّهُ لَكُمْ وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ سورة يوسف آية 92 " ، قَالَ : فَخَرَجُوا كَأَنَّمَا نُشِرُوا مِنَ الْقُبُورِ فَدَخَلُوا فِي الإِسْلامِ ، فَخَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ الْبَابِ الَّذِي يَلِي الصَّفَا فَخَطَبَ ، وَالأَنْصَارُ أَسْفَلَ مِنْهُ ، فَقَالَتِ الأَنْصَارُ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ أَمَا إِنَّ الرَّجُلَ أَخَذَتْهُ الرَّأْفَةُ بِقَوْمِهِ وَأَدْرَكَتْهُ الرَّغْبَةُ فِي قَرَابَتِهِ ، قَالَ : فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ عَلَيْهِ الْوَحْيَ فَقَالَ : " يَا مَعْشَرَ الأَنْصَارِ ، أَقُلْتُمْ : أَخَذَتْهُ الرَّأْفَةُ بِقَوْمِهِ وَأَدْرَكَتْهُ الرَّغْبَةُ فِي قَرَابَتِهِ فَمَا نَبِيٌّ أَنَا إِذًا ، كَلا وَاللَّهِ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ حَقًّا ، إِنَّ الْمَحْيَا لَمَحْيَاكُمْ ، وَإِنَّ الْمَمَاتَ لَمَمَاتُكُمْ " ، قَالُوا : وَاللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا قُلْنَا إِلا مَخَافَةَ أَنْ تُفَارِقَنَا إِلا ضِنًّا بِكَ ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " أَنْتُمْ صَادِقُونَ عِنْدَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ " ، قَالَ : فَوَاللَّهِ مَا بَقِيَ مِنْهُمْ رَجُلٌ إِلا نَكَّسَ نَحْرَهُ بِدُمُوعِ عَيْنَيْهِ " .
قال البخاري في صحيحه:
3971ـ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ ، حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ ، عَنْ هِشَامٍ ، عَنْ أَبِيهِ ، قَالَ :
" لَمَّا سَارَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَامَ الْفَتْحِ ، فَبَلَغَ ذَلِكَ قُرَيْشًا ، خَرَجَ أَبُو سُفْيَانَ بْنُ حَرْبٍ ، وَحَكِيمُ بْنُ حِزَامٍ ، وَبُدَيْلُ بْنُ وَرْقَاءَ يَلْتَمِسُونَ الْخَبَرَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَأَقْبَلُوا يَسِيرُونَ حَتَّى أَتَوْا مَرَّ الظَّهْرَانِ ، فَإِذَا هُمْ بِنِيرَانٍ كَأَنَّهَا نِيرَانُ عَرَفَةَ ، فَقَالَ أَبُو سُفْيَانَ : مَا هَذِهِ لَكَأَنَّهَا نِيرَانُ عَرَفَةَ ؟ فَقَالَ بُدَيْلُ بْنُ وَرْقَاءَ : نِيرَانُ بَنِي عَمْرٍو ، فَقَالَ أَبُو سُفْيَانَ : عَمْرٌو أَقَلُّ مِنْ ذَلِكَ ، فَرَآهُمْ نَاسٌ مِنْ حَرَسِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَأَدْرَكُوهُمْ ، فَأَخَذُوهُمْ ، فَأَتَوْا بِهِمْ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَأَسْلَمَ أَبُو سُفْيَانَ ، فَلَمَّا سَارَ ، قَالَ لِلْعَبَّاسِ : " احْبِسْ أَبَا سُفْيَانَ عِنْدَ حَطْمِ الْخَيْلِ حَتَّى يَنْظُرَ إِلَى الْمُسْلِمِينَ " ، فَحَبَسَهُ الْعَبَّاسُ ، فَجَعَلَتِ الْقَبَائِلُ تَمُرُّ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَمُرُّ كَتِيبَةً كَتِيبَةً عَلَى أَبِي سُفْيَانَ ، فَمَرَّتْ كَتِيبَةٌ ، قَالَ : يَا عَبَّاسُ مَنْ هَذِهِ ؟ قَالَ : هَذِهِ غِفَارُ ، قَالَ : مَا لِي وَلِغِفَارَ ؟ ثُمَّ مَرَّتْ جُهَيْنَةُ ، قَالَ مِثْلَ ذَلِكَ ، ثُمَّ مَرَّتْ سَعْدُ بْنُ هُذَيْمٍ ، فَقَالَ مِثْلَ ذَلِكَ ، وَمَرَّتْ سُلَيْمُ ، فَقَالَ مِثْلَ ذَلِكَ ، حَتَّى أَقْبَلَتْ كَتِيبَةٌ لَمْ يَرَ مِثْلَهَا ، قَالَ : مَنْ هَذِهِ ؟ قَالَ : هَؤُلَاءِ الْأَنْصَارُ عَلَيْهِمْ سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ مَعَهُ الرَّايَةُ ، فَقَالَ سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ : يَا أَبَا سُفْيَانَ ، الْيَوْمَ يَوْمُ الْمَلْحَمَةِ ، الْيَوْمَ تُسْتَحَلُّ الْكَعْبَةُ ، فَقَالَ أَبُو سُفْيَانَ : يَا عَبَّاسُ ، حَبَّذَا يَوْمُ الذِّمَارِ ، ثُمَّ جَاءَتْ كَتِيبَةٌ وَهِيَ أَقَلُّ الْكَتَائِبِ فِيهِمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابُهُ وَرَايَةُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَعَ الزُّبَيْرِ بْنِ الْعَوَّامِ ، فَلَمَّا مَرَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِأَبِي سُفْيَانَ ، قَالَ : أَلَمْ تَعْلَمْ مَا قَالَ سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ ؟ قَالَ : " مَا قَالَ ؟ " قَالَ : كَذَا وَكَذَا ، فَقَالَ : " كَذَبَ سَعْدٌ ، وَلَكِنْ هَذَا يَوْمٌ يُعَظِّمُ اللَّهُ فِيهِ الْكَعْبَةَ ، وَيَوْمٌ تُكْسَى فِيهِ الْكَعْبَةُ " ، قَالَ : وَأَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ تُرْكَزَ رَايَتُهُ بِالْحَجُونِ ،
قَالَ عُرْوَةُ : وَأَخْبَرَنِي نَافِعُ بْنُ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ ، قَالَ : سَمِعْتُ الْعَبَّاسَ ، يَقُولُ لِلزُّبَيْرِ بْنِ الْعَوَّامِ : يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ، هَا هُنَا أَمَرَكَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ تَرْكُزَ الرَّايَةَ ، قَالَ : وَأَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَئِذٍ خَالِدَ بْنَ الْوَلِيدِ أَنْ يَدْخُلَ مِنْ أَعْلَى مَكَّةَ مِنْ كَدَاءٍ ، وَدَخَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ كُدَا ، فَقُتِلَ مِنْ خَيْلِ خَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَوْمَئِذٍ رَجُلَانِ : حُبَيْشُ بْنُ الْأَشْعَرِ ، وَكُرْزُ بْنُ جابِرٍ الْفِهْرِيُّ " .مرسل.
===============
ج ـ هدم خالدٌ للعزى.
قال أبو يعلى الموصلي في " مسنده":
888ـ حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلٍ ، حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ جَمِيعٍ ، عَنْ أَبِي الطُّفَيْلِ ، قَالَ :
لَمَّا فَتَحَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، مَكَّةَ بَعَثَ خَالِدَ بْنَ الْوَلِيدِ إِلَى نَخْلَةٍ ، وَكَانَتْ بِهَا الْعُزَّى ، فَأَتَاهَا خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ ، وَكَانَتْ عَلَى تِلالِ السَّمُرَاتِ ، فَقَطَعَ السَّمُرَاتِ ، وَهَدَمَ الْبَيْتَ الَّذِي كَانَ عَلَيْهَا ، ثُمَّ أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَخْبَرَهُ ، فَقَالَ : " ارْجِعْ فَإِنَّكَ لَمْ تَصْنَعْ شَيْئًا " ، فَرَجَعَ خَالِدٌ ، فَلَمَّا نَظَرَتْ إِلَيْهِ السَّدَنَةُ وَهُمْ حُجَّابُهَا أَمْعَنُوا فِي الْجَبَلِ ، وَهُمْ يَقُولُونَ :
يَا عُزَّى خَبِّلِيهِ ، يَا عُزَّى عَوِّرِيهِ ، وَإِلا فَمُوتِي بِرَغْمٍ ! قَالَ : فَأَتَاهَا خَالِدٌ ، فَإِذَا امْرَأَةٌ عُرْيَانَةٌ نَاشِرَةٌ شَعْرَهَا تَحْثُوا التُّرَابَ عَلَى رَأْسِهَا ، فَعَمَّمَهَا بِالسَّيْفِ حَتَّى قَتَلَهَا ، ثُمَّ رَجَعَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَخْبَرَهُ ، قَالَ : " تِلْكَ الْعُزَّى " .
=====================
دـ غزوة حنين.
قال أحمد في " مسنده":
16459ـ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ ، عَنْ مَعْمَرٍ ، عَنِ الزُّهْرِيِّ ، قَالَ :
وَكَانَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْأَزْهَرِ يُحَدِّثُ ، أَنَّ خَالِدَ بْنَ الْوَلِيدِ بْنِ الْمُغِيرَةِ ، جُرِحَ يَوْمَئِذٍ ، وَكَانَ عَلَى الْخَيْلِ خَيْلِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قَالَ ابْنُ الْأَزْهَرِ قَدْ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْدَمَا هَزَمَ اللَّهُ الْكُفَّارَ ، وَرَجَعَ الْمُسْلِمُونَ إِلَى رِحَالِهِمْ يَمْشِي فِي الْمُسْلِمِينَ ، وَيَقُولُ :
" مَنْ يَدُلُّ عَلَى رَحْلِ خَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ ؟ " ، قَالَ : فَمَشَيْتُ ، أَوْ قَالَ : فَسَعَيْتُ بَيْنَ يَدَيْهِ وَأَنَا مُحْتَلِمٌ ، أَقُولُ : مَنْ يَدُلُّ عَلَى رَحْلِ خَالِدٍ ، حَتَّى حَلَلْنَا عَلَى رَحْلِهِ ، فَإِذَا خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ مُسْتَنِدٌ إِلَى مُؤْخِرَةِ رَحْلِهِ ، فَأَتَاهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَنَظَرَ إِلَى جُرْحِهِ ، قَالَ الزُّهْرِيُّ : وَحَسِبْتُ أَنَّهُ قَالَ : وَنَفَثَ فِيهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .
================
هـ ـ غزوة بني جذيمة.
قال البخاري في صحيحه:
4021ـ حَدَّثَنِي مَحْمُودٌ ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ . ح وحَدَّثَنِي نُعَيْمٌ ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ ، عَنْ الزُّهْرِيِّ ، عَنْ سَالِمٍ ، عَنْ أَبِيهِ ، قَالَ : بَعَثَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَالِدَ بْنَ الْوَلِيدِ إِلَى بَنِي جَذِيمَةَ فَدَعَاهُمْ إِلَى الْإِسْلَامِ ، فَلَمْ يُحْسِنُوا أَنْ ، يَقُولُوا : أَسْلَمْنَا ، فَجَعَلُوا يَقُولُونَ صَبَأْنَا صَبَأْنَا ، فَجَعَلَ خَالِدٌ يَقْتُلُ مِنْهُمْ وَيَأْسِرُ ، وَدَفَعَ إِلَى كُلِّ رَجُلٍ مِنَّا أَسِيرَهُ ، حَتَّى إِذَا كَانَ يَوْمٌ أَمَرَ خَالِدٌ أَنْ يَقْتُلَ كُلُّ رَجُلٍ مِنَّا أَسِيرَهُ ، فَقُلْتُ : وَاللَّهِ لَا أَقْتُلُ أَسِيرِي ، وَلَا يَقْتُلُ رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِي أَسِيرَهُ ، حَتَّى قَدِمْنَا عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرْنَاهُ ، فَرَفَعَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَدَهُ ، فَقَالَ : " اللَّهُمَّ إِنِّي أَبْرَأُ إِلَيْكَ مِمَّا صَنَعَ خَالِدٌ مَرَّتَيْنِ " .
قال ابن هشام في سيرته:
قال ابن إسحاق : وحدثني يعقوب بن عتبة بن المغيرة بن الأخنس ، عن الزهري ، عن ابن أبي حدرد الأسلمي ، قال : كنت يومئذ في خيل خالد بن الوليد ، فقال لي فتى من بني جذيمة ، وهو في سني ، وقد جمعت يداه إلى عنقه برمة ونسوة مجتمعات غير بعيد منه : يا فتى ، فقلت : ما تشاء ؟ قال : هل أنت آخذ بهذه الرمة ، فقائدي إلى هؤلاء النسوة حتى أقضي إليهن حاجة ، تم تردني بعد ، فتصنعوا بي ما بدا لكم ؟ قال : قلت : والله ليسير ما طلبت . فأخذت برمته فقدته بها ، حتى وقف عليهن ، فقال : اسلمي حبيش ، على نفذ من العيش [ ص: 434 ] :
أريتك إذ طالبتكم فوجدتكم بحلية أو ألفيتكم بالخوانق
ألم يك أهلا أن ينول عاشق تكلف إدلاج السرى والودائق
فلا ذنب لي قد قلت إذ أهلنا معا أثيبي بود قبل إحدى الصفائق
أثيبي بود قبل أن تشحط النوى وينأى الأمير بالحبيب المفارق
فإني لا ضيعت سر أمانة ولا راق عيني عنك بعدك رائق
سوى أن ما نال العشيرة شاغل عن الود إلا أن يكون التوامق
قال ابن هشام : وأكثر أهل العلم بالشعر ينكر البيتين الآخرين منها له .
قال ابن إسحاق : وحدثني يعقوب بن عتبة بن المغيرة بن الأخنس ، عن الزهري عن ابن أبي حدرد الأسلمي ، ( قال ) قالت : وأنت فحييت سبعا وعشرا ، وترا وثمانيا تترى . قال : ثم انصرفت به . فضربت عنقه .
وقال ابن حجر في "الفتح":
وقد روى النسائي والبيهقي في " الدلائل " بإسناد صحيح من حديث ابن عباس نحو هذه القصة وقال فيها : " فقال إني لست منهم ، إني عشقت امرأة منهم فدعوني أنظر إليها نظرة - قال فيه - فضربوا عنقه ، فجاءت المرأة فوقعت عليه فشهقت شهقة أو شهقتين ثم ماتت ، فذكروا ذلك للنبي - صلى الله عليه وسلم - فقال : أما كان فيكم رجل رحيم " ؟ وأخرجه البيهقي من طريق ابن عاصم عن أبيه نحو هذه القصة وقال في آخرها : " فانحدرت إليه من هودجها فحنت عليه حتى ماتت " .
==================
وـ بعث النبي ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ خالداً إلى اليمن .
قال البخاري في صحيحه:
4029ـحَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ عُثْمَانَ ، حَدَّثَنَا شُرَيْحُ بْنُ مَسْلَمَةَ ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ يُوسُفَ بْنِ إِسْحَاقَ بْنِ أَبِي إِسْحَاقَ ، حَدَّثَنِي أَبِي ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ ، سَمِعْتُ الْبَرَاءَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، بَعَثَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَعَ خَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ إِلَى الْيَمَنِ ، قَالَ : ثُمَّ بَعَثَ عَلِيًّا بَعْدَ ذَلِكَ مَكَانَهُ ، فَقَالَ :
" مُرْ أَصْحَابَ خَالِدٍ مَنْ شَاءَ مِنْهُمْ أَنْ يُعَقِّبَ مَعَكَ فَلْيُعَقِّبْ ، وَمَنْ شَاءَ فَلْيُقْبِلْ " ، فَكُنْتُ فِيمَنْ عَقَّبَ مَعَهُ ، قَالَ : فَغَنِمْتُ أَوَاقٍ ذَوَاتِ عَدَدٍ .
4030ـحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ ، حَدَّثَنَا رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ سُوَيْدِ بْنِ مَنْجُوفٍ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُرَيْدَةَ ، عَنْ أَبِيهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، قَالَ :
بَعَثَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلِيًّا إِلَى خَالِدٍ لِيَقْبِضَ الْخُمُسَ ، وَكُنْتُ أُبْغِضُ عَلِيًّا وَقَدِ اغْتَسَلَ ، فَقُلْتُ لِخَالِدٍ : أَلَا تَرَى إِلَى هَذَا ؟ فَلَمَّا قَدِمْنَا عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَكَرْتُ ذَلِكَ لَهُ ، فَقَالَ : " يَا بُرَيْدَةُ ، أَتُبْغِضُ عَلِيًّا ؟ " فَقُلْتُ : نَعَمْ ، قَالَ : " لَا تُبْغِضْهُ ، فَإِنَّ لَهُ فِي الْخُمُسِ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ " .
قال أحمد في مسنده:
22434ـحَدَّثَنَا رَوْحٌ ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بنُ سُوَيْدِ بنِ مَنْجُوفٍ ، عَنْ عَبدِ اللَّهِ بنِ برَيْدَةَ ، عَنْ أَبيهِ ، قَالَ : بعَثَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلِيًّا إِلَى خَالِدِ بنِ الْوَلِيدِ لِيَقْسِمَ الْخُمُسَ ، وَقَالَ رَوْحٌ مَرَّةً : لِيَقْبضَ الْخُمُسَ ، قَالَ : فَأَصْبحَ عَلِيٌّ وَرَأْسُهُ يَقْطُرُ ، قَالَ : فَقَالَ خَالِدٌ لِبرَيْدَةَ :
أَلَا تَرَى إِلَى مَا يَصْنَعُ هَذَا لِمَا صَنَعَ عَلِيٌّ ؟ ! قَالَ : وَكُنْتُ أُبغِضُ عَلِيًّا ، قَالَ : فَقَالَ :
" يَا برَيْدَةُ ، أَتُبغِضُ عَلِيًّا ؟ " ، قَالَ : قُلْتُ : نَعَمْ ، قَالَ : " فَلَا تُبغِضْهُ ، قَالَ رَوْحٌ مَرَّةً : فَأَحِبهُ ، فَإِنَّ لَهُ فِي الْخُمُسِ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ " .
=================
رابعاً: أحاديثه في الجهاد.
قال أحمدفي " مسنده":
16470 ـ حَدَّثَنَا أَبُو الْمُغِيرَةِ ، حَدَّثَنَا صَفْوَانُ بْنُ عَمْرٍو ، قَالَ : حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ جُبَيْرِ بْنِ نُفَيْرٍ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ عَوْفِ بْنِ مَالِكٍ الْأَشْجَعِيِّ ، وَخَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ ، أَنّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
" لَمْ يُخَمِّسْ السَّلَبَ " .
كتبه أبو الهمام طارق بن علي بن يحيى بن عثمان غفر الله له وبدل سيئاته حسنات ولوالديه وللمؤمنين وصل اللهم على نبينا محمد وعلى آله وسلم والحمد لله رب العالمين.