الخميس، 22 أغسطس 2019

[قل هو الله أحد تعدل ثلث القرآن].

[قل هو الله أحد تعدل ثلث القرآن].
آثار الصحابة
الحمد لله رب العالمين و الصلاة و السلام على عبد الله و رسوله محمد بن عبد الله و على آله و صحبه أجمعين ،أما بعد:
قال النسائي في "السنن الكبرى":
10044: أَخْبَرَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا حَمَّادٌ ، عَنْ عَاصِمٍ ، عَنْ زِرٍّ ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ ، قَالَ :
" قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ تَعْدِلُ ثُلُثَ الْقُرْآنِ " .

وإسناده جيَّدٌ.وقال عبد الله بن أحمد في "زوائد الزهد":
681: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ ، حَدَّثَنَا أَبُو عَامِرٍ الْعَدَوِيُّ ، أَخْبَرَنِي دَاوُدُ بْنُ أَبِي الْفُرَاتِ ، عَنْ أَبِي غَالِبٍ مَوْلَى خَالِدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْقُرَشِيّ ، قَالَ :
كَانَ ابْنُ عُمَرَ يَنْزِلُ عَلَيْنَا بِمَكَّةَ ، وَكَانَ يَتَهَجَّدُ مِنَ اللَّيْلِ فَقَالَ لِي ذَاتَ لَيْلَةٍ قَبْلَ الصُّبْحِ : " يَا أَبَا غَالِبٍ ، أَلا تَقُومُ تُصَلِّي وَلَوْ تَقْرَأُ بِثُلُثِ الْقُرْآنِ ؟ فَقُلْتُ : يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ ، قَدْ دَنَا الصُّبْحُ فَكَيْفَ أَقْرَأُ بِثُلُثِ الْقُرْآنِ ؟ قَالَ : إِنَّ سُورَةَ الإِخْلاصِ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ تَعْدِلُ ثُلُثَ الْقُرْآنِ " .
وإسناده قويٌّ.

وأبو غالب هو حزور، وقيل اسمه نافع ـ صاحب أبي أمامة الباهلي ـ رضي الله عنه.
وقال المزي في "تهذيب الكمال":
واختلف فِي ولائه، فقيل: مولى خالد بْن عبد اللَّه القسري
وقيل: مولى خالد بْن عبد اللَّه بْن أسيد القرشي
وقيل: مولى بني أسيد
وقيل: مولى عبد الرحمن بْن الحضرمي
وقيل: مولى بني راسب
وقيل: مولى بني ضبيعة
وقيل: مولى باهلة .
ومعنى :تعدل ثلث القرآن :أي في الجزاء والثواب.

قال الترمذي في "الجامع":
859:حَدَّثَنَا نَصْرُ بْنُ عَلِيٍّ ، حَدَّثَنَا أَبُو أَحْمَدَ الزُّبَيْرِيُّ ، حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ ، عَنْ أَبِي إِسْحَاق ، عَنْ الْأَسْوَدِ بْنِ يَزِيدَ ، عَنْ ابْنِ أُمِّ مَعْقِلٍ ، عَنْ أُمِّ مَعْقِلٍ ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قَالَ :
" عُمْرَةٌ فِي رَمَضَانَ تَعْدِلُ حَجَّةً " . وَفِي الْبَاب عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ ، وَجَابِرٍ ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ ، وَأَنَسٍ ، وَوَهْبِ بْنِ خَنْبَشٍ . قَالَ أَبُو عِيسَى : وَيُقَالُ : هَرِمُ بْنُ خَنْبَشٍ ، قَالَ بَيَانٌ ، وَجَابِرٌ : عَنْ الشَّعْبِيِّ ، عَنْ وَهْبِ بْنِ خَنْبَشٍ ، وقَالَ دَاوُدُ الْأَوْدِيُّ : عَنْ الشَّعْبِيِّ ، عَنْ هَرِمُ بْنِ خَنْبَشٍ ، وَوَهْبٌ أَصَحُّ ، وَحَدِيثُ أُمِّ مَعْقِلٍ حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ ، وقَالَ أَحْمَدُ ، وَإِسْحَاق : قَدْ ثَبَتَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " أَنَّ عُمْرَةً فِي رَمَضَانَ تَعْدِلُ حَجَّةً " ، قَالَ إِسْحَاق : مَعْنَى هَذَا الْحَدِيثِ مِثْلُ مَا رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، أَنَّهُ قَالَ : " مَنْ قَرَأَ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ فَقَدْ قَرَأَ ثُلُثَ الْقُرْآنِ " .
وجاء في "مسائل الإمام أحمد بن حنبل رواية أبي يعقوب إسحاق بن منصورالكوسج" (1/553) :
" قلت : من قال : ( عمرة في رمضان تعدل حجة ) أثبت هو ؟ قال :
بلى ، هو ثبت .
قال إسحاق : ثبت كما قال ، ومعناه : أن يكتب له كأجر حجة ، ولا يلحق بالحاج أبدا " انتهى.
وقيل:أن هذه السورة كان لها هذا الفضل لأن القرآن أُنزل على ثلاثة أقسام : ثلث منها للأحكام ، وثلث منها للوعد والوعيد ، وثلث منها للأسماء والصفات .

قال البيهقي في "الأسماء والصفات":
62: أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ , قَالَ : سَمِعْتُ أَبَا الْوَلِيدِ الْفَقِيهَ , يَقُولُ : سَأَلْتُ أَبَا الْعَبَّاسِ بْنَ سُرَيْجٍ ، قُلْتُ : مَا مَعْنَى قَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ تَعْدِلُ ثُلُثَ الْقُرْآنِ ؟ قَالَ :
إِنَّ الْقُرْآنَ أُنْزِلَ أَثْلاثًا : ثُلُثٌ مِنْهَا أَحْكَامٌ ، وَثُلُثٌ مِنْهَا وَعْدٌ وَوَعِيدٌ , وَثُلُثٌ مِنْهَا الأَسْمَاءُ وَالصِّفَاتُ ، وَقَدْ جُمِعَ فِي قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ أَحَدُ الأَثْلاثِ ، وَهُوَ الأَسْمَاءُ وَالصِّفَاتُ , فَقِيلَ : إِنَّهَا ثُلُثُ الْقُرْآنِ " ،
وقال شيخ الإسلام ابنُ تيمية في "مجموع الفتاوى":
"وَأَمَّا تَوْجِيهُ ذَلِكَ : فَقَدْ قَالَتْ طَائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ : إنَّ الْقُرْآنَ بِاعْتِبَارِ مَعَانِيهِ ثَلَاثَةُ أَثْلَاثٍ : ثُلُثٌ تَوْحِيدٌ وَثُلُثٌ قَصَصٌ وَثُلُثٌ أَمْرٌ وَنَهْيٌ . و { قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ } هِيَ صِفَةُ الرَّحْمَنِ وَنَسَبُهُ وَهِيَ مُتَضَمِّنَةٌ ثُلُثَ الْقُرْآنِ ; وَذَلِكَ لِأَنَّ الْقُرْآنَ كَلَامُ اللَّهِ تَعَالَى وَالْكَلَامُ إمَّا إنْشَاءٌ وَإِمَّا إخْبَارٌ فَالْإِنْشَاءُ هُوَ الْأَمْرُ وَالنَّهْيُ وَمَا يَتْبَعُ ذَلِكَ كَالْإِبَاحَةِ وَنَحْوِهَا وَهُوَ الْإِحْكَامُ . وَالْإِخْبَارُ : إمَّا إخْبَارٌ عَنْ الْخَالِقِ وَإِمَّا إخْبَارٌ عَنْ الْمَخْلُوقِ فَالْإِخْبَارُ عَنْ الْخَالِقِ هُوَ التَّوْحِيدُ وَمَا يَتَضَمَّنُهُ مِنْ أَسْمَاءِ اللَّهِ وَصِفَاتِهِ وَالْإِخْبَارُ عَنْ الْمَخْلُوقِ هُوَ الْقَصَصُ وَهُوَ الْخَبَرُ عَمَّا كَانَ وَعَمَّا يَكُونُ وَيَدْخُلُ فِيهِ الْخَبَرُ عَنْ الْأَنْبِيَاءِ وَأُمَمِهِمْ وَمَنْ كَذَّبَهُمْ وَالْإِخْبَارُ عَنْ الْجَنَّةِ وَالنَّارِ وَالثَّوَابِ وَالْعِقَابِ . قَالُوا : فَبِهَذَا الِاعْتِبَارِ تَكُونُ { قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ } تَعْدِلُ ثُلُثَ الْقُرْآنِ لِمَا فِيهَا مِنْ التَّوْحِيدِ الَّذِي هُوَ ثُلُثُ مَعَانِي الْقُرْآنِ"ا.هـ .
قال ابن القيم في "زاد المعاد":
ولذلك كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي سنة الفجر والوتر بسورتي الإخلاص وهما الجامعتان لتوحيد العلم والعمل ، وتوحيد المعرفة والإرادة ، وتوحيد الاعتقاد والقصد ، انتهى .
فسورة ( قل هو الله أحد ) : متضمنة لتوحيد الاعتقاد والمعرفة ، وما يجب إثباته للرب تعالى من الأحدية المنافية لمطلق المشاركة بوجه من الوجوه ، والصمدية المثبتة له جميع صفات الكمال التي لا يلحقها نقص بوجه من الوجوه ، ونفي الولد والوالد الذي هو من لوازم الصمدية ، وغناه وأحديته ، ونفي الكفء المتضمن لنفي التشبيه والتمثيل والتنظير ، فتضمنت هذه السورة إثبات كل كمال له ، ونفي كل نقص عنه ، ونفي إثبات شبيه أو مثيل له في كماله ، ونفي مطلق الشريك عنه ، وهذه الأصول هي مجامع التوحيد العلمي الاعتقادي الذي يباين صاحبه جميع فرق الضلال والشرك ، ولذلك كانت تعدل ثلث القرآن ، فإن القرآن مداره على الخبر والإنشاء ، والإنشاء ثلاثة : أمر ، ونهي ، وإباحة .
والخبر نوعان : خبر عن الخالق تعالى وأسمائه وصفاته وأحكامه ، وخبر عن خلقه . فأخلصت سورة ( قل هو الله أحد ) الخبر عنه ، وعن أسمائه ، وصفاته ، فعدلت ثلث القرآن ، وخلصت قارئها المؤمن بها من الشرك العلمي ، كما خلصت سورة ( قل ياأيها الكافرون ) من الشرك العملي الإرادي القصدي . ولما كان العلم قبل العمل وهو إمامه وقائده وسائقه ، والحاكم عليه ومنزله منازله ، كانت سورة ( قل هو الله أحد ) تعدل ثلث القرآن .
والأحاديث بذلك تكاد تبلغ مبلغ التواتر".
وقال ابن القيم في "زاد المعاد":
ومنها : أنه استفتاح أخلص للثناء على الله ، وغيره متضمن للدعاء ، والثناء أفضل من الدعاء ، ولهذا كانت سورة الإخلاص تعدل ثلث القرآن ، لأنها أخلصت لوصف الرحمن تبارك وتعالى والثناء عليه ، ولهذا كان " سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر " أفضل الكلام بعد القرآن ، فيلزم أن ما تضمنها من الاستفتاحات أفضل من غيره من الاستفتاحات .
#اجتباها_وانتخبها_أبو_الهمام_طارق_عثمان

وصل اللهم على نبينا محمد وعلى آله وسلم والحمد لله رب العالمين .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق