حكم مسّ وقراءة القرآن للجنب والحائض والرد على الإرياني في كتابه الفائض.
الحمد لله رب العالمين و الصلاة و السلام على عبد الله و رسوله محمد بن عبد الله و على آله و صحبه أجمعين و بعد:
فقد ذهب أبو عبد الرحمن الإرياني إلى جواز مس وقراءة القرآن للجنب والحائض وجنح له كما في كتابه الفائض ،وأقره قرينه وشيخه أبو عبد الرحمن يحيى الحجوري وهما ظاهريان.
1ـ قال مالك في موطئه:
465ـ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرِ بْنِ حَزْمٍ ، أَنَّ فِي الْكِتَابِ الَّذِي كَتَبَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِعَمْرِو بْنِ حَزْمٍ ، أَنْ لَا يَمَسَّ الْقُرْآنَ إِلَّا طَاهِرٌ " . قَالَ مَالِك :وَلَا يَحْمِلُ أَحَدٌ الْمُصْحَفَ بِعِلَاقَتِهِ وَلَا عَلَى وِسَادَةٍ إِلَّا وَهُوَ طَاهِرٌ ، وَلَوْ جَازَ ذَلِكَ لَحُمِلَ فِي خَبِيئَتِهِ ، وَلَمْ يُكْرَهْ ذَلِكَ إِلا أَنْ يَكُونَ فِي يَدَيِ الَّذِي يَحْمِلُهُ شَيْءٌ يُدَنِّسُ بِهِ الْمُصْحَفَ ، وَلَكِنْ إِنَّمَا كُرِهَ ذَلِكَ لِمَنْ يَحْمِلُهُ وَهُوَ غَيْرُ طَاهِرٍ ، إِكْرَامًا لِلْقُرْآنِ وَتَعْظِيمًا لَهُ . قَالَ مَالِك : أَحْسَنُ مَا سَمِعْتُ فِي هَذِهِ الْآيَةِ : لا يَمَسُّهُ إِلا الْمُطَهَّرُونَ سورة الواقعة آية 79 إِنَّمَا هِيَ بِمَنْزِلَةِ هَذِهِ الْآيَةِ الَّتِي فِي : عَبَسَ وَتَوَلَّى ، قَوْلُ اللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى : كَلَّا إِنَّهَا تَذْكِرَةٌ { 11 } فَمَنْ شَاءَ ذَكَرَهُ { 12 } فِي صُحُفٍ مُكَرَّمَةٍ { 13 } مَرْفُوعَةٍ مُطَهَّرَةٍ { 14 } بِأَيْدِي سَفَرَةٍ { 15 } كِرَامٍ بَرَرَةٍ سورة عبس آية 11-16 .
قال الحافظ بن حجر:
" وقد صحح الحديث بالكتاب المذكور جماعة من الأئمة ، لا من حيث الإسناد ، بل من حيث الشهرة ". انتهى من" التلخيص الحبير " (4/58) .
وقال الإمام الشافعي رحمه الله :
" فلما وجدنا كتاب آل عمرو بن حزم فيه أن رسول الله قال : ( وفي كل إصبع مما هنالك عشر من الإبل )، ولم يقبلوا – يعني الصحابة الكرام - كتاب آل عمرو بن حزم والله أعلم حتى يثبت لهم أنه كتاب رسول الله ". انتهى من" الرسالة " (ص/422) .وقال ابن عبد البر رحمه الله :
" لا خلاف عن مالك في إرسال هذا الحديث بهذا الإسناد ، وقد روي مسندا من وجه صالح ، وهو كتاب مشهور عند أهل السير ، معروف ما فيه عند أهل العلم معرفة تستغني بشهرتها عن الإسناد ؛ لأنه أشبه التواتر في مجيئه ، لتلقي الناس له بالقبول والمعرفة .....
وكتاب عمرو بن حزم معروف عند العلماء ، وما فيه فمتفق عليه إلا قليلا ، وبالله التوفيق ". انتهى باختصار من" التمهيد " (17/338-339) .
وقال أيضا :
" وكتاب عمرو بن حزم هذا قد تلقاه العلماء بالقبول والعمل ، وهو عندهم أشهر وأظهر من الإسناد الواحد المتصل " انتهى من" الاستذكار " (2/471) .
وقال أيضا :
" وفي إجماع العلماء في كل مصر على معاني ما في حديث عمرو بن حزم دليل واضح على صحة الحديث ، وأنه يستغني عن الإسناد لشهرته عند علماء أهل المدينة وغيرهم ". انتهى من " الاستذكار " (8/37) .
وقال يعقوب بن سفيان الفسوي رحمه الله :
" لا أعلم في جميع الكتب كتابًا أصح من كتاب عَمْرو بن حزم ، وقَال : كان أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم والتابعون يرجعون إليه ويَدَعون آراءهم ". انتهى من" المعرفة والتاريخ " (2/217) تحقيق د. أكرم العمري .
فهومرسل تلقاه العلماء بالقبول.
2ـ أثر عمر بن الخطاب ـ رضي الله عنه.
قال أبو عبيد القاسم بن سلام في "فضائل القرآن":
271:حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ ، عَنِ الأَعْمَشِ ، عَنْ شَقِيقِ بْنِ سَلَمَةَ ، عَنْ عَبِيدَةَ السَّلْمَانِيِّ ، عَنْ عُمَرَ ، أَنَّهُ كَرِهَ لِلْجُنُبِ أَنْ يَقْرَأَ شَيْئًا مِنَ الْقُرْآنِ " .
وقال ابن أبي شيبة في "المصنف":
1041:حَدَّثَنَا حَفْصٌ ، وَأَبُو مُعَاوِيَةَ , عَنِ الْأَعْمَشِ ، عَنْ شَقِيقٍ ، عَنْ عَبِيدَةَ ، عَنْ عُمَرَ ، قَالَ :
" لَا يَقْرَأُ الْجُنُبُ الْقُرْآنَ " .
وإسناده صحيحٌ.
3ـ أثر علي بن أبي طالب ـ رضي الله عنه.
قال أحمد في "المسند":
850:حَدَّثَنَا عَائِذُ بْنُ حَبِيبٍ ، حَدَّثَنِي عَامِرُ بْنُ السِّمْطِ ، عَنْ أَبِي الْغَرِيفِ ، قَالَ :
أُتِيَ عَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ بِوَضُوءٍ ، فَمَضْمَضَ وَاسْتَنْشَقَ ثَلَاثًا ، وَغَسَلَ وَجْهَهُ ثَلَاثًا ، وَغَسَلَ يَدَيْهِ وَذِرَاعَيْهِ ثَلَاثًا ثَلَاثًا ، ثُمَّ مَسَحَ بِرَأْسِهِ ، ثُمَّ غَسَلَ رِجْلَيْهِ ، ثُمَّ قَالَ : هَكَذَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَوَضَّأَ ، ثُمَّ قَرَأَ شَيْئًا مِنَ الْقُرْآنِ ، ثُمَّ قَالَ :
" هَذَا لِمَنْ لَيْسَ بِجُنُبٍ ، فَأَمَّا الْجُنُبُ فَلَا ، وَلَا آيَةَ " .
وإسناده حسنٌ؛لأجل أبي الغريف عبيد الله بن خليفة المرادي .
قال أبو حاتم الرازي: كان على شرطة علي بن أبي طالب، وليس بمشهور، وقد تكلموا فيه، وهو شيخ من نظراء أصبغ بن نباتة.
وقال ابن حجر العسقلاني: صدوق رمي بالتشيع.
وقال الدارقطني كمافي سؤالات أبي عبد الرحمن السلمي،: ثقة.
وقال يعقوب بن سفيان الفسوي: ثقة.
وذكره ابن حبان في الثقات.
3ـ أثر سعد بن أبي وقاص ـ رضي الله عنه.
قال مالك في "الموطأ "برواية يحيى الليثي:
88ـ وَحَدَّثَنِي ، عَنْ مَالِك ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ ، عَنْ مُصْعَبِ بْنِ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ ، أَنَّهُ قَالَ :
كُنْتُ أُمْسِكُ الْمُصْحَفَ عَلَى سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ فَاحْتَكَكْتُ ، فَقَالَ سَعْدٌ :
" لَعَلَّكَ مَسَسْتَ ذَكَرَكَ " ، قَالَ : فَقُلْتُ : نَعَمْ . فَقَالَ : " قُمْ فَتَوَضَّأْ " ، فَقُمْتُ فَتَوَضَّأْتُ ثُمَّ رَجَعْتُ .
وسنده صحيح.
4ـ أثر عبد الله بن مسعود ـ رضي الله عنه.
قال ابن أبي شيبة في "المصنف":
1042:حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ ، عَنْ شُعْبَةَ ، عَنْ حَمَّادٍ ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ : أَنَّ ابْنَ مَسْعُودٍ كَانَ يَمْشِي نَحْوَ الْفُرَاتِ وَهُوَ يُقْرِئُ رَجُلًا فَبَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ فَكَفَّ الرَّجُلُ عَنْهُ فَقَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ : مَا لَكَ ؟ ، قَالَ :
إِنَّكَ بُلْتَ ، فَقَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ :
فقد ذهب أبو عبد الرحمن الإرياني إلى جواز مس وقراءة القرآن للجنب والحائض وجنح له كما في كتابه الفائض ،وأقره قرينه وشيخه أبو عبد الرحمن يحيى الحجوري وهما ظاهريان.
1ـ قال مالك في موطئه:
465ـ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرِ بْنِ حَزْمٍ ، أَنَّ فِي الْكِتَابِ الَّذِي كَتَبَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِعَمْرِو بْنِ حَزْمٍ ، أَنْ لَا يَمَسَّ الْقُرْآنَ إِلَّا طَاهِرٌ " . قَالَ مَالِك :وَلَا يَحْمِلُ أَحَدٌ الْمُصْحَفَ بِعِلَاقَتِهِ وَلَا عَلَى وِسَادَةٍ إِلَّا وَهُوَ طَاهِرٌ ، وَلَوْ جَازَ ذَلِكَ لَحُمِلَ فِي خَبِيئَتِهِ ، وَلَمْ يُكْرَهْ ذَلِكَ إِلا أَنْ يَكُونَ فِي يَدَيِ الَّذِي يَحْمِلُهُ شَيْءٌ يُدَنِّسُ بِهِ الْمُصْحَفَ ، وَلَكِنْ إِنَّمَا كُرِهَ ذَلِكَ لِمَنْ يَحْمِلُهُ وَهُوَ غَيْرُ طَاهِرٍ ، إِكْرَامًا لِلْقُرْآنِ وَتَعْظِيمًا لَهُ . قَالَ مَالِك : أَحْسَنُ مَا سَمِعْتُ فِي هَذِهِ الْآيَةِ : لا يَمَسُّهُ إِلا الْمُطَهَّرُونَ سورة الواقعة آية 79 إِنَّمَا هِيَ بِمَنْزِلَةِ هَذِهِ الْآيَةِ الَّتِي فِي : عَبَسَ وَتَوَلَّى ، قَوْلُ اللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى : كَلَّا إِنَّهَا تَذْكِرَةٌ { 11 } فَمَنْ شَاءَ ذَكَرَهُ { 12 } فِي صُحُفٍ مُكَرَّمَةٍ { 13 } مَرْفُوعَةٍ مُطَهَّرَةٍ { 14 } بِأَيْدِي سَفَرَةٍ { 15 } كِرَامٍ بَرَرَةٍ سورة عبس آية 11-16 .
قال الحافظ بن حجر:
" وقد صحح الحديث بالكتاب المذكور جماعة من الأئمة ، لا من حيث الإسناد ، بل من حيث الشهرة ". انتهى من" التلخيص الحبير " (4/58) .
وقال الإمام الشافعي رحمه الله :
" فلما وجدنا كتاب آل عمرو بن حزم فيه أن رسول الله قال : ( وفي كل إصبع مما هنالك عشر من الإبل )، ولم يقبلوا – يعني الصحابة الكرام - كتاب آل عمرو بن حزم والله أعلم حتى يثبت لهم أنه كتاب رسول الله ". انتهى من" الرسالة " (ص/422) .وقال ابن عبد البر رحمه الله :
" لا خلاف عن مالك في إرسال هذا الحديث بهذا الإسناد ، وقد روي مسندا من وجه صالح ، وهو كتاب مشهور عند أهل السير ، معروف ما فيه عند أهل العلم معرفة تستغني بشهرتها عن الإسناد ؛ لأنه أشبه التواتر في مجيئه ، لتلقي الناس له بالقبول والمعرفة .....
وكتاب عمرو بن حزم معروف عند العلماء ، وما فيه فمتفق عليه إلا قليلا ، وبالله التوفيق ". انتهى باختصار من" التمهيد " (17/338-339) .
وقال أيضا :
" وكتاب عمرو بن حزم هذا قد تلقاه العلماء بالقبول والعمل ، وهو عندهم أشهر وأظهر من الإسناد الواحد المتصل " انتهى من" الاستذكار " (2/471) .
وقال أيضا :
" وفي إجماع العلماء في كل مصر على معاني ما في حديث عمرو بن حزم دليل واضح على صحة الحديث ، وأنه يستغني عن الإسناد لشهرته عند علماء أهل المدينة وغيرهم ". انتهى من " الاستذكار " (8/37) .
وقال يعقوب بن سفيان الفسوي رحمه الله :
" لا أعلم في جميع الكتب كتابًا أصح من كتاب عَمْرو بن حزم ، وقَال : كان أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم والتابعون يرجعون إليه ويَدَعون آراءهم ". انتهى من" المعرفة والتاريخ " (2/217) تحقيق د. أكرم العمري .
فهومرسل تلقاه العلماء بالقبول.
2ـ أثر عمر بن الخطاب ـ رضي الله عنه.
قال أبو عبيد القاسم بن سلام في "فضائل القرآن":
271:حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ ، عَنِ الأَعْمَشِ ، عَنْ شَقِيقِ بْنِ سَلَمَةَ ، عَنْ عَبِيدَةَ السَّلْمَانِيِّ ، عَنْ عُمَرَ ، أَنَّهُ كَرِهَ لِلْجُنُبِ أَنْ يَقْرَأَ شَيْئًا مِنَ الْقُرْآنِ " .
وقال ابن أبي شيبة في "المصنف":
1041:حَدَّثَنَا حَفْصٌ ، وَأَبُو مُعَاوِيَةَ , عَنِ الْأَعْمَشِ ، عَنْ شَقِيقٍ ، عَنْ عَبِيدَةَ ، عَنْ عُمَرَ ، قَالَ :
" لَا يَقْرَأُ الْجُنُبُ الْقُرْآنَ " .
وإسناده صحيحٌ.
3ـ أثر علي بن أبي طالب ـ رضي الله عنه.
قال أحمد في "المسند":
850:حَدَّثَنَا عَائِذُ بْنُ حَبِيبٍ ، حَدَّثَنِي عَامِرُ بْنُ السِّمْطِ ، عَنْ أَبِي الْغَرِيفِ ، قَالَ :
أُتِيَ عَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ بِوَضُوءٍ ، فَمَضْمَضَ وَاسْتَنْشَقَ ثَلَاثًا ، وَغَسَلَ وَجْهَهُ ثَلَاثًا ، وَغَسَلَ يَدَيْهِ وَذِرَاعَيْهِ ثَلَاثًا ثَلَاثًا ، ثُمَّ مَسَحَ بِرَأْسِهِ ، ثُمَّ غَسَلَ رِجْلَيْهِ ، ثُمَّ قَالَ : هَكَذَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَوَضَّأَ ، ثُمَّ قَرَأَ شَيْئًا مِنَ الْقُرْآنِ ، ثُمَّ قَالَ :
" هَذَا لِمَنْ لَيْسَ بِجُنُبٍ ، فَأَمَّا الْجُنُبُ فَلَا ، وَلَا آيَةَ " .
وإسناده حسنٌ؛لأجل أبي الغريف عبيد الله بن خليفة المرادي .
قال أبو حاتم الرازي: كان على شرطة علي بن أبي طالب، وليس بمشهور، وقد تكلموا فيه، وهو شيخ من نظراء أصبغ بن نباتة.
وقال ابن حجر العسقلاني: صدوق رمي بالتشيع.
وقال الدارقطني كمافي سؤالات أبي عبد الرحمن السلمي،: ثقة.
وقال يعقوب بن سفيان الفسوي: ثقة.
وذكره ابن حبان في الثقات.
3ـ أثر سعد بن أبي وقاص ـ رضي الله عنه.
قال مالك في "الموطأ "برواية يحيى الليثي:
88ـ وَحَدَّثَنِي ، عَنْ مَالِك ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ ، عَنْ مُصْعَبِ بْنِ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ ، أَنَّهُ قَالَ :
كُنْتُ أُمْسِكُ الْمُصْحَفَ عَلَى سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ فَاحْتَكَكْتُ ، فَقَالَ سَعْدٌ :
" لَعَلَّكَ مَسَسْتَ ذَكَرَكَ " ، قَالَ : فَقُلْتُ : نَعَمْ . فَقَالَ : " قُمْ فَتَوَضَّأْ " ، فَقُمْتُ فَتَوَضَّأْتُ ثُمَّ رَجَعْتُ .
وسنده صحيح.
4ـ أثر عبد الله بن مسعود ـ رضي الله عنه.
قال ابن أبي شيبة في "المصنف":
1042:حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ ، عَنْ شُعْبَةَ ، عَنْ حَمَّادٍ ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ : أَنَّ ابْنَ مَسْعُودٍ كَانَ يَمْشِي نَحْوَ الْفُرَاتِ وَهُوَ يُقْرِئُ رَجُلًا فَبَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ فَكَفَّ الرَّجُلُ عَنْهُ فَقَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ : مَا لَكَ ؟ ، قَالَ :
إِنَّكَ بُلْتَ ، فَقَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ :
" إِنِّي لَسْتُ بِجُنُبٍ " .
حماد بن أبي سليمان قال فيه أحمد: مقارب ما روى عنه القدماء سفيان وشعبة ،وهذا منها.
ومراسيل النخعي عن ابن مسعود صحيحة.
قال الترمذي في سننه:
131ـ .. وَهُوَ قَوْلُ أَكْثَرِ أَهْلِ العِلْمِ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَالتَّابِعِينَ، وَمَنْ بَعْدَهُمْ مِثْلِ: سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ، وَابْنِ المُبَارَكِ، وَالشَّافِعِيِّ، وَأَحْمَدَ، وَإِسْحَاقَ، قَالُوا: لَا تَقْرَأِ الحَائِضُ وَلَا الجُنُبُ مِنَ القُرْآنِ شَيْئًا، إِلَّا طَرَفَ الآيَةِ وَالحَرْفَ وَنَحْوَ ذَلِكَ..".
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :
" فَإِنَّ الْأَئِمَّةَ الْأَرْبَعَةَ مُتَّفِقُونَ عَلَى مَنْعِهِ مِنْ ذَلِكَ " انتهى من " مجموع الفتاوى " (21/ 344) .
وقال الكاساني :
" وَلَا يُبَاحُ لِلْجُنُبِ قِرَاءَةُ الْقُرْآنِ عِنْدَ عَامَّةِ الْعُلَمَاءِ " انتهى من " بدائع الصنائع " (1/37) .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية في "شرح عمدة الفقه ":
(1/383) :وَعَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ قَالَ: كُنَّا مَعَ سَلْمَانَ، فَخَرَجَ فَقَضَى حَاجَتَهُ ثُمَّ جَاءَ، فَقُلْتُ: يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ لَوْ تَوَضَّأْتَ لَعَلَّنَا نَسْأَلُكَ عَنْ آيَاتٍ، قَالَ: إِنِّي لَسْتُ أَمَسُّهُ لَا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ . رَوَاهُ الْأَثْرَمُ وَالدَّارَقُطْنِيُّ.
وَكَذَلِكَ جَاءَ عَنْ خَلْقٍ مِنَ التَّابِعِينَ مِنْ غَيْرِ خِلَافٍ يُعْرَفُ عَنِ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ، وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ كَانَ مَعْرُوفًا بَيْنَهُمْ
وَقَدِ احْتَجَّ كَثِيرٌ مِنْ أَصْحَابِنَا عَلَى ذَلِكَ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {لَا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ} كَمَا ذَكَرْنَا عَنْ سَلْمَانَ وَبَنَوْا ذَلِكَ عَلَى أَنَّ الْكِتَابَ هُوَ الْمُصْحَفُ بِعَيْنِهِ، وَأَنَّ قَوْلَهُ: {لَا يَمَسُّهُ} صِيغَةُ خَبَرٍ فِي مَعْنَى الْأَمْرِ: لِئَلَّا يَقَعَ الْخَبَرُ بِخِلَافِ مُخْبِرِهِ، وَرَدُّوا قَوْلَ مَنْ حَمَلَهُ عَلَى الْمَلَائِكَةِ، فَإِنَّهُمْ جَمِيعَهُمْ مُطَهَّرُونَ، وَإِنَّمَا يَمَسُّهُ وَيَطَّلِعُ عَلَيْهِ بَعْضُهُمْ.
وَالصَّحِيحُ اللَّوْحُ الْمَحْفُوظُ الَّذِي فِي السَّمَاءِ مُرَادٌ مِنْ هَذِهِ الْآيَةِ، وَكَذَلِكَ الْمَلَائِكَةُ مُرَادُونَ مِنْ قَوْلِهِ: {الْمُطَهَّرُونَ} لِوُجُوهٍ:
أَحَدُهُمَا: إِنَّ هَذَا تَفْسِيرُ جَمَاهِيرِ السَّلَفِ مِنَ الصَّحَابَةِ وَمَنْ بَعْدَهُمْ حَتَّى الْفُقَهَاءِ الَّذِينَ قَالُوا: لَا يَمَسَّ الْقُرْآنَ إِلَّا طَاهِرٌ مِنْ أَئِمَّةِ الْمَذَاهِبِ صَرَّحُوا بِذَلِكَ، وَشَبَّهُوا هَذِهِ الْآيَةَ بِقَوْلِهِ: {كَلَّا إِنَّهَا تَذْكِرَةٌ - فَمَنْ شَاءَ ذَكَرَهُ - فِي صُحُفٍ مُكَرَّمَةٍ - مَرْفُوعَةٍ مُطَهَّرَةٍ - بِأَيْدِي سَفَرَةٍ - كِرَامٍ بَرَرَةٍ}.
وَثَانِيهَا: أَنَّهُ أَخْبَرَ أَنَّ الْقُرْآنَ جَمِيعَهُ فِي كِتَابٍ، وَحِينَ نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ لَمْ يَكُنْ نَزَلَ إِلَّا بَعْضُ الْمَكِّيِّ مِنْهُ، وَلَمْ يُجْمَعْ جَمِيعُهُ فِي الْمُصْحَفِ إِلَّا بَعْدَ وَفَاةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وَثَالِثُهَا: أَنَّهُ قَالَ: {فِي كِتَابٍ مَكْنُونٍ} وَالْمَكْنُونُ: الْمَصُونُ الْمُحَرَّرُ الَّذِي لَا تَنَالُهُ أَيْدِي الْمُضِلِّينَ، فَهَذِهِ صِفَةُ اللَّوْحِ الْمَحْفُوظِ.
وَرَابِعُهَا: أَنَّ قَوْلَهُ: {لَا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ} صِفَةٌ لِلْكِتَابِ، وَلَوْ كَانَ مَعْنَاهَا الْأَمْرَ لَمْ يَصِحَّ الْوَصْفُ بِهَا، وَإِنَّمَا يُوصَفُ بِالْجُمْلَةِ الْخَبَرِيَّةِ.
وَخَامِسُهَا: أَنَّهُ لَوْ كَانَ مَعْنَى الْكَلَامِ الْأَمْرَ لَقِيلَ: " فَلَا يَمَسُّهُ "؛ لِتَوَسُّطِ الْأَمْرِ بِمَا قَبْلَهُ.
وَسَادِسُهَا: أَنَّهُ لَوْ قَالَ: {الْمُطَهَّرُونَ} وَهَذَا يَقْتَضِي أَنْ يَكُونَ تَطْهِيرُهُمْ مِنْ غَيْرِهِمْ، وَلَوْ أُرِيدَ طَهَارَةُ بَنِي آدَمَ فَقَطْ لَقِيلَ: الْمُتَطَهِّرُونَ.
كَمَا قَالَ تَعَالَى: {فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ}.
وَقَالَ تَعَالَى: {إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ}
وَسَابِعُهَا: أَنَّ هَذَا مَسُوقٌ لِبَيَانِ شَرَفِ الْقُرْآنِ وَعُلُوِّهِ وَحِفْظِهِ، وَذَلِكَ بِالْأَمْرِ الَّذِي قَدْ ثَبَتَ وَاسْتَقَرَّ أَبْلَغَ مِنْهُ بِمَا يَحْدُثُ، وَيَكُونُ نِعْمَ الْوَجْهِ فِي هَذَا - وَاللَّهُ أَعْلَمُ - أَنَّ الْقُرْآنَ الَّذِي فِي اللَّوْحِ الْمَحْفُوظِ هُوَ الْقُرْآنُ الَّذِي فِي الْمُصْحَفِ كَمَا أَنَّ الَّذِي فِي هَذَا الْمُصْحَفِ هُوَ الَّذِي فِي هَذَا الْمُصْحَفِ بِعَيْنِهِ، سَوَاءٌ كَانَ الْمَحَلُّ وَرَقًا أَوْ أَدِيَمًا أَوْ حَجَرًا أَوْ لِحَافًا، فَإِذَا كَانَ مِنْ حُكْمِ الْكِتَابِ الَّذِي فِي السَّمَاءِ أَنْ لَا يَمَسَّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ وَجَبَ أَنْ يَكُونَ الْكِتَابُ الَّذِي فِي الْأَرْضِ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّ حُرْمَتَهُ كَحُرْمَتِهِ، أَوْ يَكُونَ الْكِتَابُ اسْمَ جِنْسٍ يَعُمُّ كُلَّ مَا فِيهِ الْقُرْآنُ، سَوَاءٌ كَانَ فِي السَّمَاءِ أَوِ الْأَرْضِ، وَقَدْ أَوْحَى إِلَى ذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى: {رَسُولٌ مِنَ اللَّهِ يَتْلُو صُحُفًا مُطَهَّرَةً - فِيهَا كُتُبٌ قَيِّمَةٌ} وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى: {فِي صُحُفٍ مُكَرَّمَةٍ}
{مَرْفُوعَةٍ مُطَهَّرَةٍ} فَوَصَفَهَا أَنَّهَا مُطَهَّرَةٌ، فَلَا يَصْلُحُ لِلْمُحْدِثِ مَسُّهَا، وَكَذَلِكَ لَا يَجُوزُ أَنْ يُمَسَّ بِعُضْوٍ عَلَيْهِ نَجَاسَةٌ، وَلَوْ غَسَلَ الْمُتَوَضِّئُ بَعْضَ أَعْضَائِهِ لَمْ يَجُزْ لَهُ مَسُّهَا حَتَّى يُكْمِلَ طَهَارَتَهُ.اهـ
الشاهد:قوله :وَسَابِعُهَا: أَنَّ هَذَا مَسُوقٌ لِبَيَانِ شَرَفِ الْقُرْآنِ وَعُلُوِّهِ وَحِفْظِهِ، وَذَلِكَ بِالْأَمْرِ الَّذِي قَدْ ثَبَتَ وَاسْتَقَرَّ أَبْلَغَ مِنْهُ بِمَا يَحْدُثُ، وَيَكُونُ نِعْمَ الْوَجْهِ فِي هَذَا - وَاللَّهُ أَعْلَمُ - أَنَّ الْقُرْآنَ الَّذِي فِي اللَّوْحِ الْمَحْفُوظِ هُوَ الْقُرْآنُ الَّذِي فِي الْمُصْحَفِ كَمَا أَنَّ الَّذِي فِي هَذَا الْمُصْحَفِ هُوَ الَّذِي فِي هَذَا الْمُصْحَفِ بِعَيْنِهِ، سَوَاءٌ كَانَ الْمَحَلُّ وَرَقًا أَوْ أَدِيَمًا أَوْ حَجَرًا أَوْ لِحَافًا، فَإِذَا كَانَ مِنْ حُكْمِ الْكِتَابِ الَّذِي فِي السَّمَاءِ أَنْ لَا يَمَسَّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ وَجَبَ أَنْ يَكُونَ الْكِتَابُ الَّذِي فِي الْأَرْضِ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّ حُرْمَتَهُ كَحُرْمَتِهِ، أَوْ يَكُونَ الْكِتَابُ اسْمَ جِنْسٍ يَعُمُّ كُلَّ مَا فِيهِ الْقُرْآنُ، سَوَاءٌ كَانَ فِي السَّمَاءِ أَوِ الْأَرْضِ، وَقَدْ أَوْحَى إِلَى ذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى: {رَسُولٌ مِنَ اللَّهِ يَتْلُو صُحُفًا مُطَهَّرَةً - فِيهَا كُتُبٌ قَيِّمَةٌ} وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى: {فِي صُحُفٍ مُكَرَّمَةٍ}
{مَرْفُوعَةٍ مُطَهَّرَةٍ} فَوَصَفَهَا أَنَّهَا مُطَهَّرَةٌ، فَلَا يَصْلُحُ لِلْمُحْدِثِ مَسُّهَا، وَكَذَلِكَ لَا يَجُوزُ أَنْ يُمَسَّ بِعُضْوٍ عَلَيْهِ نَجَاسَةٌ، وَلَوْ غَسَلَ الْمُتَوَضِّئُ بَعْضَ أَعْضَائِهِ لَمْ يَجُزْ لَهُ مَسُّهَا حَتَّى يُكْمِلَ طَهَارَتَهُ.اهـ
كتبه أبو الهمام طارق بن علي بن يحيى بن عثمان غفر الله له وبدل سيئاته حسنات ولوالديه وللمؤمنين وصل اللهم على نبينا محمد وعلى آله وسلم والحمد لله رب العالمين.
حماد بن أبي سليمان قال فيه أحمد: مقارب ما روى عنه القدماء سفيان وشعبة ،وهذا منها.
ومراسيل النخعي عن ابن مسعود صحيحة.
قال الترمذي في سننه:
131ـ .. وَهُوَ قَوْلُ أَكْثَرِ أَهْلِ العِلْمِ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَالتَّابِعِينَ، وَمَنْ بَعْدَهُمْ مِثْلِ: سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ، وَابْنِ المُبَارَكِ، وَالشَّافِعِيِّ، وَأَحْمَدَ، وَإِسْحَاقَ، قَالُوا: لَا تَقْرَأِ الحَائِضُ وَلَا الجُنُبُ مِنَ القُرْآنِ شَيْئًا، إِلَّا طَرَفَ الآيَةِ وَالحَرْفَ وَنَحْوَ ذَلِكَ..".
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :
" فَإِنَّ الْأَئِمَّةَ الْأَرْبَعَةَ مُتَّفِقُونَ عَلَى مَنْعِهِ مِنْ ذَلِكَ " انتهى من " مجموع الفتاوى " (21/ 344) .
وقال الكاساني :
" وَلَا يُبَاحُ لِلْجُنُبِ قِرَاءَةُ الْقُرْآنِ عِنْدَ عَامَّةِ الْعُلَمَاءِ " انتهى من " بدائع الصنائع " (1/37) .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية في "شرح عمدة الفقه ":
(1/383) :وَعَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ قَالَ: كُنَّا مَعَ سَلْمَانَ، فَخَرَجَ فَقَضَى حَاجَتَهُ ثُمَّ جَاءَ، فَقُلْتُ: يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ لَوْ تَوَضَّأْتَ لَعَلَّنَا نَسْأَلُكَ عَنْ آيَاتٍ، قَالَ: إِنِّي لَسْتُ أَمَسُّهُ لَا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ . رَوَاهُ الْأَثْرَمُ وَالدَّارَقُطْنِيُّ.
وَكَذَلِكَ جَاءَ عَنْ خَلْقٍ مِنَ التَّابِعِينَ مِنْ غَيْرِ خِلَافٍ يُعْرَفُ عَنِ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ، وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ كَانَ مَعْرُوفًا بَيْنَهُمْ
وَقَدِ احْتَجَّ كَثِيرٌ مِنْ أَصْحَابِنَا عَلَى ذَلِكَ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {لَا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ} كَمَا ذَكَرْنَا عَنْ سَلْمَانَ وَبَنَوْا ذَلِكَ عَلَى أَنَّ الْكِتَابَ هُوَ الْمُصْحَفُ بِعَيْنِهِ، وَأَنَّ قَوْلَهُ: {لَا يَمَسُّهُ} صِيغَةُ خَبَرٍ فِي مَعْنَى الْأَمْرِ: لِئَلَّا يَقَعَ الْخَبَرُ بِخِلَافِ مُخْبِرِهِ، وَرَدُّوا قَوْلَ مَنْ حَمَلَهُ عَلَى الْمَلَائِكَةِ، فَإِنَّهُمْ جَمِيعَهُمْ مُطَهَّرُونَ، وَإِنَّمَا يَمَسُّهُ وَيَطَّلِعُ عَلَيْهِ بَعْضُهُمْ.
وَالصَّحِيحُ اللَّوْحُ الْمَحْفُوظُ الَّذِي فِي السَّمَاءِ مُرَادٌ مِنْ هَذِهِ الْآيَةِ، وَكَذَلِكَ الْمَلَائِكَةُ مُرَادُونَ مِنْ قَوْلِهِ: {الْمُطَهَّرُونَ} لِوُجُوهٍ:
أَحَدُهُمَا: إِنَّ هَذَا تَفْسِيرُ جَمَاهِيرِ السَّلَفِ مِنَ الصَّحَابَةِ وَمَنْ بَعْدَهُمْ حَتَّى الْفُقَهَاءِ الَّذِينَ قَالُوا: لَا يَمَسَّ الْقُرْآنَ إِلَّا طَاهِرٌ مِنْ أَئِمَّةِ الْمَذَاهِبِ صَرَّحُوا بِذَلِكَ، وَشَبَّهُوا هَذِهِ الْآيَةَ بِقَوْلِهِ: {كَلَّا إِنَّهَا تَذْكِرَةٌ - فَمَنْ شَاءَ ذَكَرَهُ - فِي صُحُفٍ مُكَرَّمَةٍ - مَرْفُوعَةٍ مُطَهَّرَةٍ - بِأَيْدِي سَفَرَةٍ - كِرَامٍ بَرَرَةٍ}.
وَثَانِيهَا: أَنَّهُ أَخْبَرَ أَنَّ الْقُرْآنَ جَمِيعَهُ فِي كِتَابٍ، وَحِينَ نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ لَمْ يَكُنْ نَزَلَ إِلَّا بَعْضُ الْمَكِّيِّ مِنْهُ، وَلَمْ يُجْمَعْ جَمِيعُهُ فِي الْمُصْحَفِ إِلَّا بَعْدَ وَفَاةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وَثَالِثُهَا: أَنَّهُ قَالَ: {فِي كِتَابٍ مَكْنُونٍ} وَالْمَكْنُونُ: الْمَصُونُ الْمُحَرَّرُ الَّذِي لَا تَنَالُهُ أَيْدِي الْمُضِلِّينَ، فَهَذِهِ صِفَةُ اللَّوْحِ الْمَحْفُوظِ.
وَرَابِعُهَا: أَنَّ قَوْلَهُ: {لَا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ} صِفَةٌ لِلْكِتَابِ، وَلَوْ كَانَ مَعْنَاهَا الْأَمْرَ لَمْ يَصِحَّ الْوَصْفُ بِهَا، وَإِنَّمَا يُوصَفُ بِالْجُمْلَةِ الْخَبَرِيَّةِ.
وَخَامِسُهَا: أَنَّهُ لَوْ كَانَ مَعْنَى الْكَلَامِ الْأَمْرَ لَقِيلَ: " فَلَا يَمَسُّهُ "؛ لِتَوَسُّطِ الْأَمْرِ بِمَا قَبْلَهُ.
وَسَادِسُهَا: أَنَّهُ لَوْ قَالَ: {الْمُطَهَّرُونَ} وَهَذَا يَقْتَضِي أَنْ يَكُونَ تَطْهِيرُهُمْ مِنْ غَيْرِهِمْ، وَلَوْ أُرِيدَ طَهَارَةُ بَنِي آدَمَ فَقَطْ لَقِيلَ: الْمُتَطَهِّرُونَ.
كَمَا قَالَ تَعَالَى: {فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ}.
وَقَالَ تَعَالَى: {إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ}
وَسَابِعُهَا: أَنَّ هَذَا مَسُوقٌ لِبَيَانِ شَرَفِ الْقُرْآنِ وَعُلُوِّهِ وَحِفْظِهِ، وَذَلِكَ بِالْأَمْرِ الَّذِي قَدْ ثَبَتَ وَاسْتَقَرَّ أَبْلَغَ مِنْهُ بِمَا يَحْدُثُ، وَيَكُونُ نِعْمَ الْوَجْهِ فِي هَذَا - وَاللَّهُ أَعْلَمُ - أَنَّ الْقُرْآنَ الَّذِي فِي اللَّوْحِ الْمَحْفُوظِ هُوَ الْقُرْآنُ الَّذِي فِي الْمُصْحَفِ كَمَا أَنَّ الَّذِي فِي هَذَا الْمُصْحَفِ هُوَ الَّذِي فِي هَذَا الْمُصْحَفِ بِعَيْنِهِ، سَوَاءٌ كَانَ الْمَحَلُّ وَرَقًا أَوْ أَدِيَمًا أَوْ حَجَرًا أَوْ لِحَافًا، فَإِذَا كَانَ مِنْ حُكْمِ الْكِتَابِ الَّذِي فِي السَّمَاءِ أَنْ لَا يَمَسَّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ وَجَبَ أَنْ يَكُونَ الْكِتَابُ الَّذِي فِي الْأَرْضِ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّ حُرْمَتَهُ كَحُرْمَتِهِ، أَوْ يَكُونَ الْكِتَابُ اسْمَ جِنْسٍ يَعُمُّ كُلَّ مَا فِيهِ الْقُرْآنُ، سَوَاءٌ كَانَ فِي السَّمَاءِ أَوِ الْأَرْضِ، وَقَدْ أَوْحَى إِلَى ذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى: {رَسُولٌ مِنَ اللَّهِ يَتْلُو صُحُفًا مُطَهَّرَةً - فِيهَا كُتُبٌ قَيِّمَةٌ} وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى: {فِي صُحُفٍ مُكَرَّمَةٍ}
{مَرْفُوعَةٍ مُطَهَّرَةٍ} فَوَصَفَهَا أَنَّهَا مُطَهَّرَةٌ، فَلَا يَصْلُحُ لِلْمُحْدِثِ مَسُّهَا، وَكَذَلِكَ لَا يَجُوزُ أَنْ يُمَسَّ بِعُضْوٍ عَلَيْهِ نَجَاسَةٌ، وَلَوْ غَسَلَ الْمُتَوَضِّئُ بَعْضَ أَعْضَائِهِ لَمْ يَجُزْ لَهُ مَسُّهَا حَتَّى يُكْمِلَ طَهَارَتَهُ.اهـ
الشاهد:قوله :وَسَابِعُهَا: أَنَّ هَذَا مَسُوقٌ لِبَيَانِ شَرَفِ الْقُرْآنِ وَعُلُوِّهِ وَحِفْظِهِ، وَذَلِكَ بِالْأَمْرِ الَّذِي قَدْ ثَبَتَ وَاسْتَقَرَّ أَبْلَغَ مِنْهُ بِمَا يَحْدُثُ، وَيَكُونُ نِعْمَ الْوَجْهِ فِي هَذَا - وَاللَّهُ أَعْلَمُ - أَنَّ الْقُرْآنَ الَّذِي فِي اللَّوْحِ الْمَحْفُوظِ هُوَ الْقُرْآنُ الَّذِي فِي الْمُصْحَفِ كَمَا أَنَّ الَّذِي فِي هَذَا الْمُصْحَفِ هُوَ الَّذِي فِي هَذَا الْمُصْحَفِ بِعَيْنِهِ، سَوَاءٌ كَانَ الْمَحَلُّ وَرَقًا أَوْ أَدِيَمًا أَوْ حَجَرًا أَوْ لِحَافًا، فَإِذَا كَانَ مِنْ حُكْمِ الْكِتَابِ الَّذِي فِي السَّمَاءِ أَنْ لَا يَمَسَّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ وَجَبَ أَنْ يَكُونَ الْكِتَابُ الَّذِي فِي الْأَرْضِ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّ حُرْمَتَهُ كَحُرْمَتِهِ، أَوْ يَكُونَ الْكِتَابُ اسْمَ جِنْسٍ يَعُمُّ كُلَّ مَا فِيهِ الْقُرْآنُ، سَوَاءٌ كَانَ فِي السَّمَاءِ أَوِ الْأَرْضِ، وَقَدْ أَوْحَى إِلَى ذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى: {رَسُولٌ مِنَ اللَّهِ يَتْلُو صُحُفًا مُطَهَّرَةً - فِيهَا كُتُبٌ قَيِّمَةٌ} وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى: {فِي صُحُفٍ مُكَرَّمَةٍ}
{مَرْفُوعَةٍ مُطَهَّرَةٍ} فَوَصَفَهَا أَنَّهَا مُطَهَّرَةٌ، فَلَا يَصْلُحُ لِلْمُحْدِثِ مَسُّهَا، وَكَذَلِكَ لَا يَجُوزُ أَنْ يُمَسَّ بِعُضْوٍ عَلَيْهِ نَجَاسَةٌ، وَلَوْ غَسَلَ الْمُتَوَضِّئُ بَعْضَ أَعْضَائِهِ لَمْ يَجُزْ لَهُ مَسُّهَا حَتَّى يُكْمِلَ طَهَارَتَهُ.اهـ
كتبه أبو الهمام طارق بن علي بن يحيى بن عثمان غفر الله له وبدل سيئاته حسنات ولوالديه وللمؤمنين وصل اللهم على نبينا محمد وعلى آله وسلم والحمد لله رب العالمين.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق