الخميس، 16 مايو 2019

خروج النبي ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ في العاشر من رمضان في السنة الثامنة للهجرة لفتح مكةَ.

خروج النبي ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ في العاشر من رمضان في السنة الثامنة للهجرة لفتح مكةَ.

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه أما بعد:

قال أبو عبد الله البخاري في "صحيحه"كتاب المغازي ،بَاب غَزْوَةِ الْفَتْحِ فِي رَمَضَانَ :

3965:حدثنا عبد الله بن يوسف ، حدثنا الليث ، قال : حدثني عقيل ، عن ابن شهاب ، قال : أخبرني عبيد الله بن عبد الله بن عتبة ، أن ابن عباس أخبره :" أن رسول الله صلى الله عليه وسلم غزا غزوة الفتح في رمضان " ، قال : وسمعت سعيد بن المسيب يقول مثل ذلك ، وعن عبيد الله بن عبد الله ، أخبره ، أن ابن عباس رضي الله عنهما ، قال : 

" صام رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى إذا بلغ الكديد الماء الذي بين قديد وعسفان أفطر ، فلم يزل مفطرا حتى انسلخ الشهر " .

قال ابنُ هشامٍ في " السيرة":

قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ : وَحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ شِهَابٍ الزُّهْرِيُّ ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ مَسْعُودٍ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ ، قَالَ : 

ثُمَّ مَضَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِسَفَرِهِ ، وَاسْتَخْلَفَ عَلَى الْمَدِينَةِ أَبَا رُهْمٍ ، كُلْثُومَ بْنَ حُصَيْنِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ خَلَفٍ الْغِفَارِيَّ ، وَخَرَجَ لِعَشْرٍ مَضَيْنَ مِنْ رَمَضَانَ ، فَصَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . وَصَامَ النَّاسُ مَعَهُ ، حَتَّى إذَا كَانَ بِالْكُدَيْدِ ، بَيْنَ عُسْفَانَ وَأَمَجٍ أَفْطَرَ [ ص: 400 ] .

وقال ابنُ حجر في " المطالب العالية":

4456: وقال إسحاق : أخبرنا وهب بن جرير ، حدثني أبي ، حدثنا محمد بن إسحاق ، قال : حدثني الزهري ، عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة ، عن ابن عباس , رضي الله عنه ، قال :

 " خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى مكة لعشر مضين من رمضان ، فصام ، وصام الناس ، حتى إذا كان بالكديد أفطر ، فنزل صلى الله عليه وسلم مر ظهران في عشرة آلاف من الناس ، فيهم ألف من مزينة ، وسبع مائة من بني سليم ، وقد عميت الأخبار على قريش ، فلا يأتيهم خبر عن النبي صلى الله عليه وسلم ، ولا يدرون ما هو فاعله ، وقد خرج تلك الليلة أبو سفيان بن حرب ، وحكيم بن حزام ، وبديل بن ورقاء الخزاعي ، يتحسسون الأخبار , قال العباس : فلما نزل رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث نزل ، قلت : واصباح قريش ، والله لئن دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة عنوة ، ليكونن هلاكهم إلى آخر الدهر ، فركبت بغلة رسول الله صلى الله عليه وسلم البيضاء ، حتى جئت الأراك ، رجاء أن ألتمس بعض الحطابة , أو صاحب لبن ، أو ذا حاجة ، يأتي مكة فيخبرهم بأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم فيخرجوا إليه ، فوالله إني لأسير ألتمس ما جئت له ، إذ سمعت كلام أبي سفيان ، وبديل بن ورقاء ، وهما يتراجعان ، فقال أبو سفيان : والله ما رأيت كالليلة نيرانا ، ولا عسكرا ، فقال بديل : هذه والله خزاعة , قد خمشها الحرب ، فقال أبو سفيان : خزاعة والله أقل وأذل من أن تكون هذه نيرانها ، فقلت : يا أبا حنظلة ! فعرف صوتي ، فقال : أبو الفضل ؟ قلت : نعم ، قال : ما لك فداك أبي وأمي ؟ فقلت : هذا والله رسول الله صلى الله عليه وسلم في الناس ، وإصباح قريش ، قال : فما الحيلة ، فداك أبي وأمي ، قال : قلت : والله لئن ظفر بك ليضربن عنقك ، فاركب عجز هذه البغلة ، فركب ورجع صاحباه ، فخرجت به ، فكلما مررت بنار من نيران المسلمين ، فقالوا : ما هذه ؟ فإذا رأوا بغلة رسول الله صلى الله عليه وسلم عليها عمه ، قالوا : هذه بغلة رسول الله صلى الله عليه وسلم عليها عمه ، حتى مررت بنار عمر بن الخطاب ، فقال : من هذا ؟ وقام إلي ، فلما رآه على عجز البغلة عرفه , فقال : والله عدو الله ، الحمد لله الذي أمكن منك ، فخرج يشتد نحو رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ودفعت البغلة ، فسبقته ، بقدر ما تسبق الدابة البطيئة الرجل البطيء ، فاقتحمت عن البغلة ، فدخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ودخل عمر ، فقال : هذا عدو الله أبو سفيان قد أمكن الله منه ، في غير عقد ولا عهد ، فدعني أضرب عنقه , فقلت : قد أجرته يا رسول الله ، ثم جلست إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فأخذت برأسه ، فقلت : والله لا يناجيه الليلة رجل دوني ، فلما أكثر عمر ، قلت : مهلا يا عمر ، فوالله لو كان رجلا من بني عدي ما قلت هذا ، ولكنه من بني عبد مناف فقال : مهلا يا عباس ، لا تقل هذا ، فوالله لإسلامك حين أسلمت ، كان أحب إلي من إسلام أبي الخطاب أبي لو أسلم ، وذلك أني عرفت أن إسلامك أحب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من إسلام الخطاب ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " يا عباس ! اذهب به إلى رحلك ، فإذا أصبحت فأتنا به " فذهبت به إلى الرحل ، فلما أصبحت غدوت به ، فلما رآه رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قال : " يا أبا سفيان ! ألم يأن لك أن تعلم أن لا إله إلا الله ؟ " فقال : بأبي وأمي ما أحلمك ، وما أكرمك , وأوصلك ، وأعظم عفوك , لقد كاد أن يقع في نفسي ، أن لو كان إله غيره لقد أغنى شيئا بعد ، فقال صلى الله عليه وسلم : " ويحك يا أبا سفيان ، ألم يأن لك أن تعلم أني رسول الله ؟ " فقال : بأبي وأمي ، ما أحلمك ، وأكرمك ، وأوصلك ، وأعظم عفوك ، أما هذه فإن في النفس منها حتى الآن شيء قال العباس : فقلت : ويلك ، أسلم ، واشهد ، أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله قبل أن يضرب عنقك ، فشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله , قال العباس : قلت : يا رسول الله ، إن أبا سفيان رجل يحب الفخر ، فاجعل له شيئا ، فقال صلى الله عليه وسلم : " نعم ، من دخل دار أبي سفيان فهو آمن ، ومن أغلق بابه فهو آمن " فلما انصرف إلى مكة ، يخبرهم ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : احبسه بمضيق من الوادي ، عند حطم الخيل ، حتى تمر به جنود الله " ، فحبسه العباس حيث أمره رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فمرت القبائل على راياتها ، فكلما مرت راية ، قال : من هذه ؟ فأقول : بنو سليم , فيقول : ما لي ولبني سليم , ثم تمر أخرى ، فيقول : من هؤلاء ؟ فأقول : مزينة ، فيقول : ما لي ولمزينة ، فلم يزل يقول ذلك حتى مرت كتيبة رسول الله صلى الله عليه وسلم الخضراء ، فيها المهاجرون والأنصار ، لا يرى منهم إلا الحدق ، قال : من هذا ؟ فقلت : هذا رسول الله في المهاجرين والأنصار ، فقال : ما لأحد بهؤلاء قبل ، والله لقد أصبح ملك ابن أخيك اليوم لعظيم , فقلت : ويحك يا أبا سفيان ! إنها النبوة ، قال : فنعم إذا . قلت : النجاء إلى قومك ، فخرج حتى أتاهم بمكة ، فجعل يصيح بأعلى صوته : يا معشر قريش ! هذا محمد ، قد أتاكم بما لا قبل لكم به ، فقامت امرأته هند بنت عتبة ، فأخذت بشاربه ، فقالت : اقتلوا الحميت الدسم حمس البعير من طليعة قوم ، فقال أبو سفيان : لا تغرنكم هذه من أنفسكم ، من دخل دار أبي سفيان فهو آمن , فقالوا : قاتلك الله ، وما يغني عنا دارك ؟ قال : ومن أغلق بابه فهو آمن " .

هذا حديث صحيح ، وروى معمر ، وابن عيينة ، ومالك ، عن الزهري ، طرفا منه في قصة الصوم ، وأخرج ذلك الشيخان وغيرهما ، وروى أحمد طرفا منه من حديث ابن إسحاق ، وروى أبو داود طرفا منه , من قصة أبي سفيان مختصرا جدا ، ولم يسقه أحد من الأئمة الستة ، وأحمد بتمامه ورواه الذهلي بتمامه في الزهريات ، من طريق أبي إدريس ، عن محمد بن إسحاق ، لكن ليس فيه تصريح ابن إسحاق بسماعه له من الزهري ، والسياق الذي هنا حسن جدا .

وصل اللهم على نبينا محمد وعلى آله وسلم والحمد لله رب العالمين .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق