أبو ثور عمرو بن معدي كرب الزبيدي الفارس والشاعر المشهور ـ رضي الله عنه وعن أخيه.
الحمد لله رب العالمين و الصلاة و السلام على عبد الله و رسوله محمد بن عبد الله و على آله و صحبه أجمعين و بعد:
قال ابن أبي شيبة في " المصنف":
33045:حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ , عَنْ قَيْسٍ , قَالَ :
شَهِدْتُ الْقَادِسِيَّةَ ، وَكَانَ سَعْدٌ عَلَى النَّاسِ ، وَجَاءَ رُسْتُمُ فَجَعَلَ عَمْرَو بْنَ مَعْدِي كَرِبَ الزُّبَيْدِيَّ يَمُرُّ عَلَى الصُّفُوفِ ، وَيَقُولُ :
يَا مَعَاشِرَ الْمُهَاجِرِينَ ، كُونُوا أُسُودًا أَشِدَّاءً أَغْنَى شَأْنَهُ , إِنَّمَا الْفَارِسِيُّ تَيْسٌ بَعْدَ أَنْ يُلْقَى نَيْزَكُهُ , قَالَ : وَكَانَ مَعَهُمْ أُسْوَارٌ لَا تَسْقُطُ لَهُ نُشَّابَةٌ , فَقُلْنَا لَهُ :
يَا أَبَا ثَوْرٍ , اتَّقِ ذَاكَ , قَالَ : فَإِنَّا لَنَقُولُ ذَاكَ إِذْ رَمَانَا فَأَصَابَ فَرَسَهُ , فَحَمَلَ عَمْرٌو عَلَيْهِ فَاعْتَنَقَهُ ثُمَّ ذَبَحَهُ ، فَأَخَذَ سَلَبَهُ ؛ سِوَارَيْ ذَهَبٍ ، كَانَا عَلَيْهِ ، وَمِنْطَقَةً وَقَبَاءَ دِيبَاجٍ , وَفَرَّ رَجُلٌ مِنْ ثَقِيفٍ فَخَلَا بِالْمُشْرِكِينَ فَأَخْبَرَهُمْ , فَقَالَ : إِنَّ النَّاسَ فِي هَذَا الْجَانِبِ , وَأَشَارَ إِلَى بَجِيلَةَ , قَالَ : فَرَمَوْا إِلَيْنَا سِتَّةَ عَشَرَ فِيلًا عَلَيْهَا الْمُقَاتِلَةُ , وَإِلَى سَائِرِ النَّاسِ فِيلَيْنِ , قَالَ : وَكَانَ سَعْدٌ يَقُولُ يَوْمَئِذٍ : سَا بَجِيلَةُ , قَالَ قَيْسٌ : وَكُنَّا رُبْعُ النَّاسِ يَوْمَ الْقَادِسِيَّةِ , فَأَعْطَانَا عُمَرُ رُبْعَ السَّوَادِ فَأَخَذْنَاهُ ثَلَاثَ سِنِينَ , فَوَفَدَ بَعْدَ ذَلِكَ جَرِيرٌ إِلَى عُمَرَ وَمَعَهُ عَمَّارُ بْنُ يَاسِرٍ , فَقَالَ عُمَرُ : أَلَّا تُخْبِرَانِي عَنْ مَنْزِلَيْكُمْ هَذَيْنِ ؟ وَمَعَ ذَلِكَ إِنِّي لَأَسْلُكُهَا وَإِنِّي لَأَتَبَيَّنُ فِي وُجُوهِهَا أَيَّ الْمَنْزِلَيْنِ خَيْرٌ ؟ قَالَ : فَقَالَ جَرِيرٌ : " أَنَا أُخْبِرُكَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ , أَمَّا أَحَدُ الْمَنْزِلَيْنِ فَأَدْنَى نَخْلَةً مِنَ السَّوَادِ إِلَى أَرْضِ الْعَرَبِ , وَأَمَّا الْمَنْزِلُ الْآخَرُ فَأَرْضُ فَارِسَ وَعَلَيْهَا وَحَرُّهَا وَبَقُّهَا ، يَعْنِي : الْمَدَائِنَ , قَالَ : فَكَذَّبَنِي عَمَّارٌ , فَقَالَ : كَذَبْتَ , قَالَ : فَقَالَ عُمَرُ : أَنْتَ أَكْذَبُ , قَالَ : ثُمَّ ، قَالَ :
أَلَا تُخْبِرُونِي عَنْ أَمِيرِكُمْ هَذَا ، أَمُجْزِئٌ هُوَ ؟ قَالُوا : لَا وَاللَّهِ مَا هُوَ بِمُجْزِئٍ ، وَلا كَافٍ ، وَلَا عَالِمٍ بِالسِّيَاسَةِ ، فَعَزَلَهُ وَبَعَثَ الْمُغِيرَةَ بْنَ شُعْبَةَ " .
وإسناده صحيحٌ ، أبو أسامة هو حمّاد بن أسامة ، وإسماعيل هو ابن أبي خالد وقد سمع من عبد الله بن أبي أوفى ـ رضي الله عنه، وقيس هو قيس بن أبي حازم البجلي الأحمسي التابعي الكبير المخضرم.
وقال ابن أبي شيبة في " المصنف":
33049:حَدَّثَنَا عَفَّانُ , قَالَ : ثنا أَبُو عَوَانَةَ ، وَقَالَ : ثنا حُصَيْنٌ , عَنْ أَبِي وَائِلٍ , قَالَ : جَاءَ سَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ حِينَ نَزَلَ الْقَادِسِيَّةَ وَمَعَهُ النَّاسُ , قَالَ :
فَمَا أَدْرِي لَعَلَّنَا أَنْ لَا نَزِيدَ عَلَى سَبْعَةِ آلَافٍ أَوْ ثَمَانِيَةِ آلَافٍ ، بَيْنَ ذَلِكَ , وَالْمُشْرِكُونَ سِتُّونَ أَلْفًا أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ , مَعَهُمُ الْفُيُولُ , قَالَ : فَلَمَّا نَزَلُوا قَالُوا لَنَا : ارْجِعُوا وَإِنَّا لَا نَرَى لَكُمْ عَدَدًا , وَلَا نَرَى لَكُمْ قُوَّةً وَلَا سِلَاحًا , فَارْجِعُوا , قَالَ : قُلْنَا :
مَا نَحْنُ بِرَاجِعِينَ , قَالَ : وَجَعَلُوا يَضْحَكُونَ بِنَبْلِنَا ، وَيَقُولُونَ : دود ، يُشَبِّهُونَهَا بِالْمُغَازَلِ , قَالَ : فَلَمَّا أَبَيْنَا عَلَيْهِمْ قَالُوا : ابْعَثُوا إِلَيْنَا رَجُلًا عَاقِلًا يُخْبِرُنَا بِالَّذِي جَاءَ بِكُمْ مِنْ بِلَادِكُمْ , فَإِنَّا لَا نَرَى لَكُمْ عَدَدًا وَلَا عُدَّةً , قَالَ : فَقَالَ الْمُغِيرَةُ بْنُ شُعْبَةَ : أَنَا , قَالَ : فَعَبَرَ إِلَيْهِمْ , قَالَ : فَجَلَسَ مَعَ رُسْتُمَ عَلَى السَّرِيرِ , قَالَ : فَنَخَرَ وَنَخَرُوا حِينَ جَلَسَ مَعَهُ عَلَى السَّرِيرِ , قَالَ : قَالَ الْمُغِيرَةُ : وَاللَّهِ مَا زَادَنِي فِي مَجْلِسِي هَذَا وَلَا نَقَصَ صَاحِبُكُمْ , قَالَ : فَقَالَ : أَخْبَرُونِي مَا جَاءَ بِكُمْ مِنْ بِلَادِكُمْ , فَإِنِّي لَا أَرَى لَكُمْ عَدَدًا وَلَا عُدَّةً , قَالَ : فَقَالَ : كُنَّا قَوْمًا فِي شَقَاءٍ وَضَلَالَةٍ فَبَعَثَ اللَّهُ فِينَا نَبِيَّنَا ، فَهَدَانَا اللَّهُ عَلَى يَدَيْهِ ، وَرَزَقَنَا عَلَى يَدَيْهِ , فَكَانَ فِيمَا رَزَقَنَا حَبَّةٌ زَعَمُوا أَنَّهَا تَنْبُتُ بِهَذِهِ الْأَرْضِ , فَلَمَّا أَكَلْنَا مِنْهَا وَأَطْعَمْنَا مِنْهَا أَهْلِينَا ، قَالُوا : لَا خَيْرَ لَنَا حَتَّى تَنْزِلُوا هَذِهِ الْبِلَادَ فَنَأْكُلُ هَذِهِ الْحَبَّةَ , قَالَ : فَقَالَ رُسْتُمُ : إِذًا نَقْتُلُكُمْ , قَالَ : فَإِنْ قَتَلْتُمُونَا دَخَلْنَا الْجَنَّةَ , وَإِنْ قَتَلْنَاكُمْ دَخَلْتُمُ النَّارَ , وَإِلَّا أَعْطَيْتُمُ الْجِزْيَةَ , قَالَ : فَلَمَّا قَالَ : أَعْطَيْتُمُ الْجِزْيَةَ ، قَالَ : صَاحُوا وَنَخَرُوا وَقَالُوا : لَا صُلْحَ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ , قَالَ : فَقَالَ الْمُغِيرَةُ : أَتَعْبُرُونَ إِلَيْنَا أَوْ نَعْبُرُ إِلَيْكُمْ ؟ , قَالَ : فَقَالَ رُسْتُمُ : بَلْ نَعْبُرُ إِلَيْكُمْ مدلا , قَالَ : فَاسْتَأْخَرَ مِنْهُ الْمُسْلِمُونَ حَتَّى عَبَرَ مِنْهُمْ مَنْ عَبَرَ , قَالَ : فَحَمَلَ عَلَيْهِمُ الْمُسْلِمُونَ فَقَتَلُوهُمْ وَهَزَمُوهُمْ ، قَالَ حُصَيْنٌ : كَانَ مَلِكُهُمْ رُسْتُمُ مِنْ أَهْلِ أَذَرْبِيجَانَ , قَالَ حُصَيْنٌ : وَسَمِعْتُ شَيْخًا مِنَّا يُقَالُ لَهُ : عُبَيْدُ بْنُ جَحْشٍ ، قَالَ : لَقَدْ رَأَيْتنَا نَمْشِي عَلَى ظُهُورِ الرِّجَالِ , نَعْبُرُ الْخَنْدَقَ عَلَى ظُهُورِ الرِّجَالِ , مَا مَسَّهُمْ سِلَاحٌ , قَدْ قَتَلَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا , قَالَ : وَوَجَدْنَا جِرَابًا فِيهِ كَافُورٌ , قَالَ : فَحَسِبْنَاهُ مِلْحًا لَا نَشُكُّ فِيهِ أَنَّهُ مِلْحٌ قَالَ : فَطَبَخْنَا لَحْمًا فَطَرَحْنَا مِنْهُ فِيهِ , فَلَمَّا لَمْ نَجِدْ لَهُ طَعْمًا فَمَرَّ بِنَا عِبَادِيٌّ مَعَهُ قَمِيصٌ , قَالَ : فَقَالَ : يَا مَعْشَرَ الْمُعْرِبِينَ ، لَا تُفْسِدُوا طَعَامَكُمْ فَإِنَّ مِلْحَ هَذِهِ الْأَرْضِ لَا خَيْرَ فِيهِ , هَلْ لَكُمْ أَنْ أُعْطِيَكُمْ فِيهِ هَذَا الْقَمِيصَ ؟ , قَالَ : فَأَعْطَانَا بِهِ قَمِيصًا , فَأَعْطَيْنَاهُ صَاحِبًا لَنَا ، قَالَ : فَلَبِسَهُ , قَالَ : فَجَعَلْنَا نُطِيفُ بِهِ وَنُعْجَبُ , قَالَ : فَإِذَا ثَمَنُ الْقَمِيصِ حِينَ عَرَفْنَا الثِّيَابَ دِرْهَمَانِ , قَالَ : وَلَقَدْ رَأَيْتنِي أَشَرْتُ إِلَى رَجُلٍ وَإِنَّ عَلَيْهِ لَسِوَارَيْنِ مِنْ ذَهَبٍ وَإِنَّ سِلَاحَهُ تَحْتُ فِي قَبْرٍ مِنْ تِلْكَ الْقُبُورِ , وَأَشَرْتُ إِلَيْهِ فَخَرَجَ إِلَيْنَا , قَالَ : فَمَا كَلَّمَنَا ولا كَلَّمْنَاهُ حَتَّى ضَرَبْنَا عُنُقَهُ , فَهَزَمْنَاهُمْ حَتَّى بَلَغُوا الْفُرَاتَ , قَالَ : فَرَكِبْنَا فَطَلَبْنَاهُمْ فَانْهَزَمُوا حَتَّى انْتَهَوْا إِلَى سُرَّا ، قَالَ : فَطَلَبْنَاهُمْ فَانْهَزَمُوا حَتَّى أَتَوُا السَّرَاةَ ، قَالَ : فَطَلَبْنَاهُمْ فَانْهَزَمُوا حَتَّى انْتَهَوْا إِلَى الْمَدَائِنِ , قَالَ : فَنَزَلْنَا كَوْثًا , قَالَ : وَمُسَلَّحَةً لِلْمُشْرِكِينَ بِدَيْرٍ مِنَ الْمَسَالِح فَأَتَتْهُمْ خَيْلُ الْمُسْلِمِينَ فَتُقَاتِلُهُمْ , فَانْهَزَمَتْ مُسَلَّحَةُ الْمُشْرِكِينَ حَتَّى لَحِقُوا بِالْمَدَائِنِ , وَسَارَ الْمُسْلِمُونَ حَتَّى نَزَلُوا عَلَى شَاطِئِ دِجْلَةَ , وَعَبَرَ طَائِفَةٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ مِنْ كَلِوَاذِيٍّ مِنْ أَسْفَلَ مِنَ الْمَدَائِنِ فَحَصَرُوهُمْ حَتَّى مَا يَجِدُوا طَعَامًا إِلَّا كِلَابَهُمْ وَسَنَانِيرَهُمْ , قَالَ : فَتَحَمَّلُوا فِي لَيْلَةٍ حَتَّى أَتَوْا جَلُولَاءَ , قَالَ : فَسَارَ إِلَيْهِمْ سَعْدٌ بِالنَّاسِ وَعَلَى مُقَدِّمَتِهِ هَاشِمُ بْنُ عُتْبَةَ , قَالَ : وَهِيَ الْوَقْعَةُ الَّتِي كَانَتْ , قَالَ : فَأَهْلَكَهُمُ اللَّهُ وَانْطَلَقَ فَلُّهُمْ إِلَى نَهَاوَنْدَ , قَالَ : وَقَالَ أَبُو وَائِلٍ : إِنَّ الْمُشْرِكِينَ لَمَّا انْهَزَمُوا مِنْ جَلُولَاءَ أَتَوْا نَهَاوَنْدَ , قَالَ : فَاسْتَعْمَلَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ عَلَى أَهْلِ الْكُوفَةِ حُذَيْفَةَ بْنَ الْيَمَانِ , وَعَلَى أَهْلِ الْبَصْرَةِ مُجَاشِعَ بْنَ مَسْعُودٍ السُّلَّمِيَّ , قَالَ : فَأَتَاهُ عَمْرَو بْنَ مَعْدِي كَرِبَ ، فَقَالَ لَهُ : أَعْطِنِي فَرَسَ مِثْلِي وَسِلَاحَ مِثْلِي , قَالَ : نَعَمْ , أُعْطِيكَ مِنْ مَالِي , قَالَ : فَقَالَ لَهُ عَمْرُو بْنُ مَعْدِي كَرِبَ : وَاللَّهِ لَقَدْ هَاجَيْنَاكُمْ فَمَا أَفْحَمْنَاكُمْ ، وَقَاتَلْنَاكُمْ فَمَا أَجَبْنَاكُمْ , وَسَأَلْنَاكُمْ فَمَا أَنَجَلْنَاكُمْ , قَالَ حُصَيْنٌ : وَكَانَ النُّعْمَانُ بْنُ مُقَرَّنٍ عَلَى كَسْكَرَ , قَالَ فَكَتَبَ إِلَى عُمَرَ : يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ! إِنَّ مِثْلِي وَمِثْلَ كَسْكَرَ كَمِثْلِ رَجُلٍ شَابٍّ عِنْدَ مُومِسَةٍ تُلَوَّنُ لَهُ وَتُعَطَّرُ , وَإِنِّي أَنْشُدُكَ بِاللَّهِ لِمَا عَزَلَتْنِي عَنْ كَسْكَرَ , وَبَعَثَتْنِي فِي جَيْشٍ مِنْ جُيُوشِ الْمُسْلِمِينَ , قَالَ : فَكَتَبَ إِلَيْهِ : سِرْ إِلَى النَّاسِ بِنَهَاوَنْدَ ؛ فَأَنْتَ عَلَيْهِمْ , قَالَ : فَسَارَ إِلَيْهِمْ فَالْتَقَوْا , فَكَانَ أَوَّلَ قَتِيلٍ , قَالَ : وَأَخَذَ سُوَيْدُ بْنُ مُقَرِّنٍ الرَّايَةَ فَفَتَحَ اللَّهُ لَهُمْ وَأَهْلَكَ اللَّهُ الْمُشْرِكِينَ , فَلَمْ يَقُمْ لَهُمْ جَمَاعَةٌ بَعْدُ يَوْمَئِذٍ , قَالَ : وَكَانَ أَهْلُ كُلِّ مِصْرٍ يَسِيرُونَ إِلَى عَدُوِّهِمْ وَبِلَادِهِمْ , قَالَ حُصَيْنٌ : لَمَّا هُزِمَ الْمُشْرِكُونَ مِنَ الْمَدَائِنِ لَحِقَهُمْ بِجَلُولَاءَ ثُمَّ رَجَعَ وَبَعَثَ عَمَّارُ بْنُ يَاسِرٍ , فَسَارَ حَتَّى نَزَلَ الْمَدَائِنَ , قَالَ : وَأَرَادَ أَنْ يَنْزِلَهَا بِالنَّاسِ , فَاجْتَوَاهَا النَّاسُ وَكَرِهُوهَا , فَبَلَغَ عُمَرُ أَنَّ النَّاسَ كَرِهُوهَا فَسَأَلَ : هَلْ يُصْلَحُ بِهَا الْإِبِلُ ؟ , قَالُوا : لَا ؛ لِأَنَّ بِهَا الْبَعُوضَ , قَالَ : فَقَالَ عُمَرُ : فَإِنَّ الْعَرَبَ لَا تُصْلَحُ بِأَرْضٍ لَا يُصْلَحُ بِهَا الْإِبِلُ , قَالَ : فَرَجَعُوا , قَالَ : فَلَقِيَ سَعْدٌ عِبَادِيًّا , قَالَ : فَقَالَ : أَنَا أَدُلُّكُمْ عَلَى أَرْضٍ ارْتَفَعَتْ مِنَ الْبَقَّةِ ، وَتَطَأْطَأَتْ مِنَ السَّبْخَةِ ، وَتَوَسَّطَتِ الرِّيفَ وَطَعَنَتْ فِي أَنْفِ التُّرْبَةِ , قَالَ : أَرْضٌ بَيْنَ الْحِيرَةِ وَالْفُرَاتِ " .
وإسناده صحيحٌ، عفَّان هو ابن مسلم ،وأبو عوانة هو الوضَّاح بن عبد الله اليشكري، وحصين هو ابن عبد الرحمن السلمي ، وأبو وائل هو شقيق بن سلمة تابعي مخضرم.
هذا وصلِ اللهمَّ على نبينا محمَّدٍ وعلى آله وصحبه وسلم.
الحمد لله رب العالمين و الصلاة و السلام على عبد الله و رسوله محمد بن عبد الله و على آله و صحبه أجمعين و بعد:
قال ابن أبي شيبة في " المصنف":
33045:حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ , عَنْ قَيْسٍ , قَالَ :
شَهِدْتُ الْقَادِسِيَّةَ ، وَكَانَ سَعْدٌ عَلَى النَّاسِ ، وَجَاءَ رُسْتُمُ فَجَعَلَ عَمْرَو بْنَ مَعْدِي كَرِبَ الزُّبَيْدِيَّ يَمُرُّ عَلَى الصُّفُوفِ ، وَيَقُولُ :
يَا مَعَاشِرَ الْمُهَاجِرِينَ ، كُونُوا أُسُودًا أَشِدَّاءً أَغْنَى شَأْنَهُ , إِنَّمَا الْفَارِسِيُّ تَيْسٌ بَعْدَ أَنْ يُلْقَى نَيْزَكُهُ , قَالَ : وَكَانَ مَعَهُمْ أُسْوَارٌ لَا تَسْقُطُ لَهُ نُشَّابَةٌ , فَقُلْنَا لَهُ :
يَا أَبَا ثَوْرٍ , اتَّقِ ذَاكَ , قَالَ : فَإِنَّا لَنَقُولُ ذَاكَ إِذْ رَمَانَا فَأَصَابَ فَرَسَهُ , فَحَمَلَ عَمْرٌو عَلَيْهِ فَاعْتَنَقَهُ ثُمَّ ذَبَحَهُ ، فَأَخَذَ سَلَبَهُ ؛ سِوَارَيْ ذَهَبٍ ، كَانَا عَلَيْهِ ، وَمِنْطَقَةً وَقَبَاءَ دِيبَاجٍ , وَفَرَّ رَجُلٌ مِنْ ثَقِيفٍ فَخَلَا بِالْمُشْرِكِينَ فَأَخْبَرَهُمْ , فَقَالَ : إِنَّ النَّاسَ فِي هَذَا الْجَانِبِ , وَأَشَارَ إِلَى بَجِيلَةَ , قَالَ : فَرَمَوْا إِلَيْنَا سِتَّةَ عَشَرَ فِيلًا عَلَيْهَا الْمُقَاتِلَةُ , وَإِلَى سَائِرِ النَّاسِ فِيلَيْنِ , قَالَ : وَكَانَ سَعْدٌ يَقُولُ يَوْمَئِذٍ : سَا بَجِيلَةُ , قَالَ قَيْسٌ : وَكُنَّا رُبْعُ النَّاسِ يَوْمَ الْقَادِسِيَّةِ , فَأَعْطَانَا عُمَرُ رُبْعَ السَّوَادِ فَأَخَذْنَاهُ ثَلَاثَ سِنِينَ , فَوَفَدَ بَعْدَ ذَلِكَ جَرِيرٌ إِلَى عُمَرَ وَمَعَهُ عَمَّارُ بْنُ يَاسِرٍ , فَقَالَ عُمَرُ : أَلَّا تُخْبِرَانِي عَنْ مَنْزِلَيْكُمْ هَذَيْنِ ؟ وَمَعَ ذَلِكَ إِنِّي لَأَسْلُكُهَا وَإِنِّي لَأَتَبَيَّنُ فِي وُجُوهِهَا أَيَّ الْمَنْزِلَيْنِ خَيْرٌ ؟ قَالَ : فَقَالَ جَرِيرٌ : " أَنَا أُخْبِرُكَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ , أَمَّا أَحَدُ الْمَنْزِلَيْنِ فَأَدْنَى نَخْلَةً مِنَ السَّوَادِ إِلَى أَرْضِ الْعَرَبِ , وَأَمَّا الْمَنْزِلُ الْآخَرُ فَأَرْضُ فَارِسَ وَعَلَيْهَا وَحَرُّهَا وَبَقُّهَا ، يَعْنِي : الْمَدَائِنَ , قَالَ : فَكَذَّبَنِي عَمَّارٌ , فَقَالَ : كَذَبْتَ , قَالَ : فَقَالَ عُمَرُ : أَنْتَ أَكْذَبُ , قَالَ : ثُمَّ ، قَالَ :
أَلَا تُخْبِرُونِي عَنْ أَمِيرِكُمْ هَذَا ، أَمُجْزِئٌ هُوَ ؟ قَالُوا : لَا وَاللَّهِ مَا هُوَ بِمُجْزِئٍ ، وَلا كَافٍ ، وَلَا عَالِمٍ بِالسِّيَاسَةِ ، فَعَزَلَهُ وَبَعَثَ الْمُغِيرَةَ بْنَ شُعْبَةَ " .
وإسناده صحيحٌ ، أبو أسامة هو حمّاد بن أسامة ، وإسماعيل هو ابن أبي خالد وقد سمع من عبد الله بن أبي أوفى ـ رضي الله عنه، وقيس هو قيس بن أبي حازم البجلي الأحمسي التابعي الكبير المخضرم.
وقال ابن أبي شيبة في " المصنف":
33049:حَدَّثَنَا عَفَّانُ , قَالَ : ثنا أَبُو عَوَانَةَ ، وَقَالَ : ثنا حُصَيْنٌ , عَنْ أَبِي وَائِلٍ , قَالَ : جَاءَ سَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ حِينَ نَزَلَ الْقَادِسِيَّةَ وَمَعَهُ النَّاسُ , قَالَ :
فَمَا أَدْرِي لَعَلَّنَا أَنْ لَا نَزِيدَ عَلَى سَبْعَةِ آلَافٍ أَوْ ثَمَانِيَةِ آلَافٍ ، بَيْنَ ذَلِكَ , وَالْمُشْرِكُونَ سِتُّونَ أَلْفًا أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ , مَعَهُمُ الْفُيُولُ , قَالَ : فَلَمَّا نَزَلُوا قَالُوا لَنَا : ارْجِعُوا وَإِنَّا لَا نَرَى لَكُمْ عَدَدًا , وَلَا نَرَى لَكُمْ قُوَّةً وَلَا سِلَاحًا , فَارْجِعُوا , قَالَ : قُلْنَا :
مَا نَحْنُ بِرَاجِعِينَ , قَالَ : وَجَعَلُوا يَضْحَكُونَ بِنَبْلِنَا ، وَيَقُولُونَ : دود ، يُشَبِّهُونَهَا بِالْمُغَازَلِ , قَالَ : فَلَمَّا أَبَيْنَا عَلَيْهِمْ قَالُوا : ابْعَثُوا إِلَيْنَا رَجُلًا عَاقِلًا يُخْبِرُنَا بِالَّذِي جَاءَ بِكُمْ مِنْ بِلَادِكُمْ , فَإِنَّا لَا نَرَى لَكُمْ عَدَدًا وَلَا عُدَّةً , قَالَ : فَقَالَ الْمُغِيرَةُ بْنُ شُعْبَةَ : أَنَا , قَالَ : فَعَبَرَ إِلَيْهِمْ , قَالَ : فَجَلَسَ مَعَ رُسْتُمَ عَلَى السَّرِيرِ , قَالَ : فَنَخَرَ وَنَخَرُوا حِينَ جَلَسَ مَعَهُ عَلَى السَّرِيرِ , قَالَ : قَالَ الْمُغِيرَةُ : وَاللَّهِ مَا زَادَنِي فِي مَجْلِسِي هَذَا وَلَا نَقَصَ صَاحِبُكُمْ , قَالَ : فَقَالَ : أَخْبَرُونِي مَا جَاءَ بِكُمْ مِنْ بِلَادِكُمْ , فَإِنِّي لَا أَرَى لَكُمْ عَدَدًا وَلَا عُدَّةً , قَالَ : فَقَالَ : كُنَّا قَوْمًا فِي شَقَاءٍ وَضَلَالَةٍ فَبَعَثَ اللَّهُ فِينَا نَبِيَّنَا ، فَهَدَانَا اللَّهُ عَلَى يَدَيْهِ ، وَرَزَقَنَا عَلَى يَدَيْهِ , فَكَانَ فِيمَا رَزَقَنَا حَبَّةٌ زَعَمُوا أَنَّهَا تَنْبُتُ بِهَذِهِ الْأَرْضِ , فَلَمَّا أَكَلْنَا مِنْهَا وَأَطْعَمْنَا مِنْهَا أَهْلِينَا ، قَالُوا : لَا خَيْرَ لَنَا حَتَّى تَنْزِلُوا هَذِهِ الْبِلَادَ فَنَأْكُلُ هَذِهِ الْحَبَّةَ , قَالَ : فَقَالَ رُسْتُمُ : إِذًا نَقْتُلُكُمْ , قَالَ : فَإِنْ قَتَلْتُمُونَا دَخَلْنَا الْجَنَّةَ , وَإِنْ قَتَلْنَاكُمْ دَخَلْتُمُ النَّارَ , وَإِلَّا أَعْطَيْتُمُ الْجِزْيَةَ , قَالَ : فَلَمَّا قَالَ : أَعْطَيْتُمُ الْجِزْيَةَ ، قَالَ : صَاحُوا وَنَخَرُوا وَقَالُوا : لَا صُلْحَ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ , قَالَ : فَقَالَ الْمُغِيرَةُ : أَتَعْبُرُونَ إِلَيْنَا أَوْ نَعْبُرُ إِلَيْكُمْ ؟ , قَالَ : فَقَالَ رُسْتُمُ : بَلْ نَعْبُرُ إِلَيْكُمْ مدلا , قَالَ : فَاسْتَأْخَرَ مِنْهُ الْمُسْلِمُونَ حَتَّى عَبَرَ مِنْهُمْ مَنْ عَبَرَ , قَالَ : فَحَمَلَ عَلَيْهِمُ الْمُسْلِمُونَ فَقَتَلُوهُمْ وَهَزَمُوهُمْ ، قَالَ حُصَيْنٌ : كَانَ مَلِكُهُمْ رُسْتُمُ مِنْ أَهْلِ أَذَرْبِيجَانَ , قَالَ حُصَيْنٌ : وَسَمِعْتُ شَيْخًا مِنَّا يُقَالُ لَهُ : عُبَيْدُ بْنُ جَحْشٍ ، قَالَ : لَقَدْ رَأَيْتنَا نَمْشِي عَلَى ظُهُورِ الرِّجَالِ , نَعْبُرُ الْخَنْدَقَ عَلَى ظُهُورِ الرِّجَالِ , مَا مَسَّهُمْ سِلَاحٌ , قَدْ قَتَلَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا , قَالَ : وَوَجَدْنَا جِرَابًا فِيهِ كَافُورٌ , قَالَ : فَحَسِبْنَاهُ مِلْحًا لَا نَشُكُّ فِيهِ أَنَّهُ مِلْحٌ قَالَ : فَطَبَخْنَا لَحْمًا فَطَرَحْنَا مِنْهُ فِيهِ , فَلَمَّا لَمْ نَجِدْ لَهُ طَعْمًا فَمَرَّ بِنَا عِبَادِيٌّ مَعَهُ قَمِيصٌ , قَالَ : فَقَالَ : يَا مَعْشَرَ الْمُعْرِبِينَ ، لَا تُفْسِدُوا طَعَامَكُمْ فَإِنَّ مِلْحَ هَذِهِ الْأَرْضِ لَا خَيْرَ فِيهِ , هَلْ لَكُمْ أَنْ أُعْطِيَكُمْ فِيهِ هَذَا الْقَمِيصَ ؟ , قَالَ : فَأَعْطَانَا بِهِ قَمِيصًا , فَأَعْطَيْنَاهُ صَاحِبًا لَنَا ، قَالَ : فَلَبِسَهُ , قَالَ : فَجَعَلْنَا نُطِيفُ بِهِ وَنُعْجَبُ , قَالَ : فَإِذَا ثَمَنُ الْقَمِيصِ حِينَ عَرَفْنَا الثِّيَابَ دِرْهَمَانِ , قَالَ : وَلَقَدْ رَأَيْتنِي أَشَرْتُ إِلَى رَجُلٍ وَإِنَّ عَلَيْهِ لَسِوَارَيْنِ مِنْ ذَهَبٍ وَإِنَّ سِلَاحَهُ تَحْتُ فِي قَبْرٍ مِنْ تِلْكَ الْقُبُورِ , وَأَشَرْتُ إِلَيْهِ فَخَرَجَ إِلَيْنَا , قَالَ : فَمَا كَلَّمَنَا ولا كَلَّمْنَاهُ حَتَّى ضَرَبْنَا عُنُقَهُ , فَهَزَمْنَاهُمْ حَتَّى بَلَغُوا الْفُرَاتَ , قَالَ : فَرَكِبْنَا فَطَلَبْنَاهُمْ فَانْهَزَمُوا حَتَّى انْتَهَوْا إِلَى سُرَّا ، قَالَ : فَطَلَبْنَاهُمْ فَانْهَزَمُوا حَتَّى أَتَوُا السَّرَاةَ ، قَالَ : فَطَلَبْنَاهُمْ فَانْهَزَمُوا حَتَّى انْتَهَوْا إِلَى الْمَدَائِنِ , قَالَ : فَنَزَلْنَا كَوْثًا , قَالَ : وَمُسَلَّحَةً لِلْمُشْرِكِينَ بِدَيْرٍ مِنَ الْمَسَالِح فَأَتَتْهُمْ خَيْلُ الْمُسْلِمِينَ فَتُقَاتِلُهُمْ , فَانْهَزَمَتْ مُسَلَّحَةُ الْمُشْرِكِينَ حَتَّى لَحِقُوا بِالْمَدَائِنِ , وَسَارَ الْمُسْلِمُونَ حَتَّى نَزَلُوا عَلَى شَاطِئِ دِجْلَةَ , وَعَبَرَ طَائِفَةٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ مِنْ كَلِوَاذِيٍّ مِنْ أَسْفَلَ مِنَ الْمَدَائِنِ فَحَصَرُوهُمْ حَتَّى مَا يَجِدُوا طَعَامًا إِلَّا كِلَابَهُمْ وَسَنَانِيرَهُمْ , قَالَ : فَتَحَمَّلُوا فِي لَيْلَةٍ حَتَّى أَتَوْا جَلُولَاءَ , قَالَ : فَسَارَ إِلَيْهِمْ سَعْدٌ بِالنَّاسِ وَعَلَى مُقَدِّمَتِهِ هَاشِمُ بْنُ عُتْبَةَ , قَالَ : وَهِيَ الْوَقْعَةُ الَّتِي كَانَتْ , قَالَ : فَأَهْلَكَهُمُ اللَّهُ وَانْطَلَقَ فَلُّهُمْ إِلَى نَهَاوَنْدَ , قَالَ : وَقَالَ أَبُو وَائِلٍ : إِنَّ الْمُشْرِكِينَ لَمَّا انْهَزَمُوا مِنْ جَلُولَاءَ أَتَوْا نَهَاوَنْدَ , قَالَ : فَاسْتَعْمَلَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ عَلَى أَهْلِ الْكُوفَةِ حُذَيْفَةَ بْنَ الْيَمَانِ , وَعَلَى أَهْلِ الْبَصْرَةِ مُجَاشِعَ بْنَ مَسْعُودٍ السُّلَّمِيَّ , قَالَ : فَأَتَاهُ عَمْرَو بْنَ مَعْدِي كَرِبَ ، فَقَالَ لَهُ : أَعْطِنِي فَرَسَ مِثْلِي وَسِلَاحَ مِثْلِي , قَالَ : نَعَمْ , أُعْطِيكَ مِنْ مَالِي , قَالَ : فَقَالَ لَهُ عَمْرُو بْنُ مَعْدِي كَرِبَ : وَاللَّهِ لَقَدْ هَاجَيْنَاكُمْ فَمَا أَفْحَمْنَاكُمْ ، وَقَاتَلْنَاكُمْ فَمَا أَجَبْنَاكُمْ , وَسَأَلْنَاكُمْ فَمَا أَنَجَلْنَاكُمْ , قَالَ حُصَيْنٌ : وَكَانَ النُّعْمَانُ بْنُ مُقَرَّنٍ عَلَى كَسْكَرَ , قَالَ فَكَتَبَ إِلَى عُمَرَ : يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ! إِنَّ مِثْلِي وَمِثْلَ كَسْكَرَ كَمِثْلِ رَجُلٍ شَابٍّ عِنْدَ مُومِسَةٍ تُلَوَّنُ لَهُ وَتُعَطَّرُ , وَإِنِّي أَنْشُدُكَ بِاللَّهِ لِمَا عَزَلَتْنِي عَنْ كَسْكَرَ , وَبَعَثَتْنِي فِي جَيْشٍ مِنْ جُيُوشِ الْمُسْلِمِينَ , قَالَ : فَكَتَبَ إِلَيْهِ : سِرْ إِلَى النَّاسِ بِنَهَاوَنْدَ ؛ فَأَنْتَ عَلَيْهِمْ , قَالَ : فَسَارَ إِلَيْهِمْ فَالْتَقَوْا , فَكَانَ أَوَّلَ قَتِيلٍ , قَالَ : وَأَخَذَ سُوَيْدُ بْنُ مُقَرِّنٍ الرَّايَةَ فَفَتَحَ اللَّهُ لَهُمْ وَأَهْلَكَ اللَّهُ الْمُشْرِكِينَ , فَلَمْ يَقُمْ لَهُمْ جَمَاعَةٌ بَعْدُ يَوْمَئِذٍ , قَالَ : وَكَانَ أَهْلُ كُلِّ مِصْرٍ يَسِيرُونَ إِلَى عَدُوِّهِمْ وَبِلَادِهِمْ , قَالَ حُصَيْنٌ : لَمَّا هُزِمَ الْمُشْرِكُونَ مِنَ الْمَدَائِنِ لَحِقَهُمْ بِجَلُولَاءَ ثُمَّ رَجَعَ وَبَعَثَ عَمَّارُ بْنُ يَاسِرٍ , فَسَارَ حَتَّى نَزَلَ الْمَدَائِنَ , قَالَ : وَأَرَادَ أَنْ يَنْزِلَهَا بِالنَّاسِ , فَاجْتَوَاهَا النَّاسُ وَكَرِهُوهَا , فَبَلَغَ عُمَرُ أَنَّ النَّاسَ كَرِهُوهَا فَسَأَلَ : هَلْ يُصْلَحُ بِهَا الْإِبِلُ ؟ , قَالُوا : لَا ؛ لِأَنَّ بِهَا الْبَعُوضَ , قَالَ : فَقَالَ عُمَرُ : فَإِنَّ الْعَرَبَ لَا تُصْلَحُ بِأَرْضٍ لَا يُصْلَحُ بِهَا الْإِبِلُ , قَالَ : فَرَجَعُوا , قَالَ : فَلَقِيَ سَعْدٌ عِبَادِيًّا , قَالَ : فَقَالَ : أَنَا أَدُلُّكُمْ عَلَى أَرْضٍ ارْتَفَعَتْ مِنَ الْبَقَّةِ ، وَتَطَأْطَأَتْ مِنَ السَّبْخَةِ ، وَتَوَسَّطَتِ الرِّيفَ وَطَعَنَتْ فِي أَنْفِ التُّرْبَةِ , قَالَ : أَرْضٌ بَيْنَ الْحِيرَةِ وَالْفُرَاتِ " .
وإسناده صحيحٌ، عفَّان هو ابن مسلم ،وأبو عوانة هو الوضَّاح بن عبد الله اليشكري، وحصين هو ابن عبد الرحمن السلمي ، وأبو وائل هو شقيق بن سلمة تابعي مخضرم.
هذا وصلِ اللهمَّ على نبينا محمَّدٍ وعلى آله وصحبه وسلم.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق