أهمية علم التاريخ.
الحمد لله رب العالمين و الصلاة و السلام على عبد الله و رسوله محمد بن عبد الله و على آله و صحبه أجمعين ،أما بعد:
قال ابن خلدون التونسي في "مقدمته":
اعلم أن فن التأريخ فن عزيز المذهب ، جم الفوائد ، شريف الغاية ؛ إذ هو يوقفنا على أحوال الماضين من الأمم في أخلاقهم ، والأنبياء في سيرهم ، والملوك في دولهم وسياستهم ، حتى تتم فائدة الاقتداء في ذلك لمن يرومه في أحوال الدين والدنيا .
وقال ابن تيمية في " مجموع الفتاوى ":
فينبغي للعقلاء أن يعتبروا بسنة الله وأيامه في عباده ، ودأب الأمم وعاداتهم .
قال ابن الأثير في "الكامل في التاريخ" :
" وَلَقَدْ رَأَيْتُ جَمَاعَةً مِمَّنْ يَدَّعِي الْمَعْرِفَةَ وَالدِّرَايَةَ ، وَيَظُنُّ بِنَفْسِهِ التَّبَحُّرَ فِي الْعِلْمِ وَالرِّوَايَةِ : يَحْتَقِرُ التَّوَارِيخَ ، وَيَزْديهَا، وَيُعْرِضُ عَنْهَا وَيَلْغِيهَا ؛ ظَنًّا مِنْهُ : أَنَّ غَايَةَ فَائِدَتِهَا إِنَّمَا هُوَ الْقِصَصُ وَالْأَخْبَارُ، وَنِهَايَة مَعْرِفَتِهَا : الْأَحَادِيثُ وَالْأَسْمَارُ .
وَهَذِهِ حَالُ مَنِ اقْتَصَرَ عَلَى الْقِشْرِ دُونَ اللُّبِّ نَظَرُهُ، وَأَصْبَحَ مُخْشَلَبًا جَوْهَرُهُ !!
وَمَنْ رَزَقَهُ اللَّهُ طَبْعًا سَلِيمًا ، وَهَدَاهُ صِرَاطًا مُسْتَقِيمًا : عَلِمَ أَنَّ فَوَائِدَهَا كَثِيرَةٌ، وَمَنَافِعَهَا الدُّنْيَوِيَّةَ وَالْأُخْرَوِيَّةَ : جَمَّةٌ غَزِيرَةٌ ". انتهى .
وقال أيضاً:
أن الملوك ومَن إليهم الأمر والنهي إذا وقفوا على ما فيها من سيرة أهل الجور والعدوان ورأها مدوّنةً في الكتب يتناقلها الناس ، فيرويها خلف عن سلف ، ونظروا الى ما أعقبت من سوء الذكر ، وقبيح الأحدوثة ، وخراب البلاد ، وهلاك العباد ، وذهاب الأموال ، وفساد الأحوال : استقبحوها ، وأعرضوا عنها واطَّرحوها ، وإذا رأوا سيرة الولاة العادلين وحسنها ، وما يتبعهم من الذكر الجميل بعد ذهابهم ، وأنّ بلادهم وممالكهم عمرت ، وأموالهم درّت : استحسنوا ذلك ورغبوا فيه ، وثابروا عليه وتركوا ما يُنافيه ، هذا سوى ما يحصل لهم من معرفة الآراء الصائبة التي دفعوا بها مضرات الأعداء ، وخلصوا بها من المهالك ، واستصانوا نفائس المدن وعظيم الممالك ، ولو لم يكن فيها غير هذا لكفى به فخراً .
وقال السخاوي في "التوبيخ لمن ذم التاريخ":
" الاشتغال بفن التاريخ للعلماء من أجل القربات ، بل من العلوم الواجبات المتنوعة للأحكام الخمسة " انتهى .
وقال أبو العباس السلاوي في "الاستقصا لأخبار دول المغرب الأقصى" :
" اعْلَم أَن علم التَّارِيخ من أجل الْعُلُوم قدرا ، وأرفعها منزلَة وذكرا ، وأنفعها عَائِدَة وذخرا
وَكَفاهُ شرفا أَن الله تَعَالَى شحن كِتَابه الْعَزِيز ، الَّذِي لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِل من بَين يَدَيْهِ وَلَا من خَلفه : من أَخْبَار الْأُمَم الْمَاضِيَة ، والقرون الخالية ، بِمَا أفحم بِهِ أكَابِر أهل الْكتاب ، وأتى من ذَلِك بِمَا لم يكن لَهُم فِي ظن وَلَا حِسَاب .
ثمَّ لم يكتف تَعَالَى بذلك حَتَّى امتن بِهِ على نبيه الْكَرِيم ، وَجعله من جملَة مَا أسداه إِلَيْهِ من الْخَيْر العميم ؛ فَقَالَ جلّ وَعلا تِلْكَ الْقرى نقص عَلَيْك من أنبائها ، وَقَالَ وكلا نقص عَلَيْك من أنباء الرُّسُل مَا نثبت بِهِ فُؤَادك ، وَقَالَ لقد كَانَ فِي قصصهم عِبْرَة لأولي الْأَلْبَاب .
وَقد كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كثيرا مَا يحدث أَصْحَابه ، بأخبار الْأُمَم الَّذين قبلهم ، ويحكي من ذَلِك مَا يشْرَح بِهِ صُدُورهمْ ، وَيُقَوِّي إيماناهم ، ويؤكد فَضلهمْ .
وَكتاب بَدْء الْخلق من صَحِيح البُخَارِيّ رَحمَه الله كَفِيل بِهَذَا الشَّأْن ، وَآت من الْقدر المهم مِنْهُ مَا يبرد غلَّة العطشان ". انتهى
وقال ابن كثير في البداية والنهاية":
وقد قصَّ الله على نبيه ﷺ خبر ما مضى من خلق المخلوقات، وذكر الأممم الماضين، وكيف فعل بأوليائه، وماذا أحل بأعدائه. وبين ذلك رسول الله ﷺ لأمته بيانًا شافيًا، سنورد عند كل فصل ما وصل إلينا عنه، صلوات الله وسلامه عليه. من ذلك تلو الآيات الواردات في ذلك فأخبرنا بما نحتاج إليه من ذلك، وترك ما لا فائدة فيه مما قد يتزاحم على علمه ويتراجم في فهمه طوائف من علماء أهل الكتاب مما لا فائدة فيه لكثير من الناس إليه. وقد يستوعب نقله طائفة من علمائنا ولسنا نحذو حذوهم ولا ننحو نحوهم ولا نذكر منها إلا القليل على سبيل الاختصار ونبين ما فيه حق مما وافق ما عندنا وما خالفه فوقع فيه الإنكار.
#اجتباها_وانتخبها_أبو_الهمام_طارق_عثمان
وصل اللهم على نبينا محمد وعلى آله وسلم والحمد لله رب العالمين
الحمد لله رب العالمين و الصلاة و السلام على عبد الله و رسوله محمد بن عبد الله و على آله و صحبه أجمعين ،أما بعد:
قال ابن خلدون التونسي في "مقدمته":
اعلم أن فن التأريخ فن عزيز المذهب ، جم الفوائد ، شريف الغاية ؛ إذ هو يوقفنا على أحوال الماضين من الأمم في أخلاقهم ، والأنبياء في سيرهم ، والملوك في دولهم وسياستهم ، حتى تتم فائدة الاقتداء في ذلك لمن يرومه في أحوال الدين والدنيا .
وقال ابن تيمية في " مجموع الفتاوى ":
فينبغي للعقلاء أن يعتبروا بسنة الله وأيامه في عباده ، ودأب الأمم وعاداتهم .
قال ابن الأثير في "الكامل في التاريخ" :
" وَلَقَدْ رَأَيْتُ جَمَاعَةً مِمَّنْ يَدَّعِي الْمَعْرِفَةَ وَالدِّرَايَةَ ، وَيَظُنُّ بِنَفْسِهِ التَّبَحُّرَ فِي الْعِلْمِ وَالرِّوَايَةِ : يَحْتَقِرُ التَّوَارِيخَ ، وَيَزْديهَا، وَيُعْرِضُ عَنْهَا وَيَلْغِيهَا ؛ ظَنًّا مِنْهُ : أَنَّ غَايَةَ فَائِدَتِهَا إِنَّمَا هُوَ الْقِصَصُ وَالْأَخْبَارُ، وَنِهَايَة مَعْرِفَتِهَا : الْأَحَادِيثُ وَالْأَسْمَارُ .
وَهَذِهِ حَالُ مَنِ اقْتَصَرَ عَلَى الْقِشْرِ دُونَ اللُّبِّ نَظَرُهُ، وَأَصْبَحَ مُخْشَلَبًا جَوْهَرُهُ !!
وَمَنْ رَزَقَهُ اللَّهُ طَبْعًا سَلِيمًا ، وَهَدَاهُ صِرَاطًا مُسْتَقِيمًا : عَلِمَ أَنَّ فَوَائِدَهَا كَثِيرَةٌ، وَمَنَافِعَهَا الدُّنْيَوِيَّةَ وَالْأُخْرَوِيَّةَ : جَمَّةٌ غَزِيرَةٌ ". انتهى .
وقال أيضاً:
أن الملوك ومَن إليهم الأمر والنهي إذا وقفوا على ما فيها من سيرة أهل الجور والعدوان ورأها مدوّنةً في الكتب يتناقلها الناس ، فيرويها خلف عن سلف ، ونظروا الى ما أعقبت من سوء الذكر ، وقبيح الأحدوثة ، وخراب البلاد ، وهلاك العباد ، وذهاب الأموال ، وفساد الأحوال : استقبحوها ، وأعرضوا عنها واطَّرحوها ، وإذا رأوا سيرة الولاة العادلين وحسنها ، وما يتبعهم من الذكر الجميل بعد ذهابهم ، وأنّ بلادهم وممالكهم عمرت ، وأموالهم درّت : استحسنوا ذلك ورغبوا فيه ، وثابروا عليه وتركوا ما يُنافيه ، هذا سوى ما يحصل لهم من معرفة الآراء الصائبة التي دفعوا بها مضرات الأعداء ، وخلصوا بها من المهالك ، واستصانوا نفائس المدن وعظيم الممالك ، ولو لم يكن فيها غير هذا لكفى به فخراً .
وقال السخاوي في "التوبيخ لمن ذم التاريخ":
" الاشتغال بفن التاريخ للعلماء من أجل القربات ، بل من العلوم الواجبات المتنوعة للأحكام الخمسة " انتهى .
وقال أبو العباس السلاوي في "الاستقصا لأخبار دول المغرب الأقصى" :
" اعْلَم أَن علم التَّارِيخ من أجل الْعُلُوم قدرا ، وأرفعها منزلَة وذكرا ، وأنفعها عَائِدَة وذخرا
وَكَفاهُ شرفا أَن الله تَعَالَى شحن كِتَابه الْعَزِيز ، الَّذِي لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِل من بَين يَدَيْهِ وَلَا من خَلفه : من أَخْبَار الْأُمَم الْمَاضِيَة ، والقرون الخالية ، بِمَا أفحم بِهِ أكَابِر أهل الْكتاب ، وأتى من ذَلِك بِمَا لم يكن لَهُم فِي ظن وَلَا حِسَاب .
ثمَّ لم يكتف تَعَالَى بذلك حَتَّى امتن بِهِ على نبيه الْكَرِيم ، وَجعله من جملَة مَا أسداه إِلَيْهِ من الْخَيْر العميم ؛ فَقَالَ جلّ وَعلا تِلْكَ الْقرى نقص عَلَيْك من أنبائها ، وَقَالَ وكلا نقص عَلَيْك من أنباء الرُّسُل مَا نثبت بِهِ فُؤَادك ، وَقَالَ لقد كَانَ فِي قصصهم عِبْرَة لأولي الْأَلْبَاب .
وَقد كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كثيرا مَا يحدث أَصْحَابه ، بأخبار الْأُمَم الَّذين قبلهم ، ويحكي من ذَلِك مَا يشْرَح بِهِ صُدُورهمْ ، وَيُقَوِّي إيماناهم ، ويؤكد فَضلهمْ .
وَكتاب بَدْء الْخلق من صَحِيح البُخَارِيّ رَحمَه الله كَفِيل بِهَذَا الشَّأْن ، وَآت من الْقدر المهم مِنْهُ مَا يبرد غلَّة العطشان ". انتهى
وقال ابن كثير في البداية والنهاية":
وقد قصَّ الله على نبيه ﷺ خبر ما مضى من خلق المخلوقات، وذكر الأممم الماضين، وكيف فعل بأوليائه، وماذا أحل بأعدائه. وبين ذلك رسول الله ﷺ لأمته بيانًا شافيًا، سنورد عند كل فصل ما وصل إلينا عنه، صلوات الله وسلامه عليه. من ذلك تلو الآيات الواردات في ذلك فأخبرنا بما نحتاج إليه من ذلك، وترك ما لا فائدة فيه مما قد يتزاحم على علمه ويتراجم في فهمه طوائف من علماء أهل الكتاب مما لا فائدة فيه لكثير من الناس إليه. وقد يستوعب نقله طائفة من علمائنا ولسنا نحذو حذوهم ولا ننحو نحوهم ولا نذكر منها إلا القليل على سبيل الاختصار ونبين ما فيه حق مما وافق ما عندنا وما خالفه فوقع فيه الإنكار.
#اجتباها_وانتخبها_أبو_الهمام_طارق_عثمان
وصل اللهم على نبينا محمد وعلى آله وسلم والحمد لله رب العالمين
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق