الثلاثاء، 16 يوليو 2019

[الاستعاذة من شر الليل].

[الاستعاذة من شر الليل].
الحمد لله رب العالمين و الصلاة و السلام على عبد الله و رسوله محمد بن عبد الله و على آله و صحبه أجمعين و بعد:
قال الترمذي في "الجامع":
3312:حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ عَمْرٍو الْعَقَدِيُّ ، عَنِ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ ، عَنِ الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ ، عَنْ عَائِشَةَ ، أَنّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَظَرَ إِلَى الْقَمَرِ ، فَقَالَ :
" يَا عَائِشَةُ اسْتَعِيذِي بِاللَّهِ مِنْ شَرِّ هَذَا ، فَإِنَّ هَذَا هُوَ الْغَاسِقُ إِذَا وَقَبَ " .
 
قَالَ أَبُو عِيسَى : هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ . 
قلتُ:
هذا حديثٌ حسنٌ ؛ لأجل الحارث بن عبد الرحمن خال ابن أبي ذئب قال النسائي فيه: ليس به بأسٌ، وقال أحمد فيه :لاأرى فيه بأساً.
وروى عنه ابن أخته ابن أبي ذئب محمد بن عبد الرحمن هو أثبت النّاس في سعيد المقبري خلا الليثِ ،وهو لايروي إلا عن ثقة.
قَالَ أَبُو عِيسَى : هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ .
وقال الحاكم في "المستدرك":
صَحِيحُ الإِسْنَادِ وَلَمْ يُخَرِّجَاهُ .
وقال ابن منده في "التوحيد":
هَذَا خَبَرٌ ثَابِتٌ عَلَى رَسْمِ النَّسَائِيِّ وَجَمَاعَةٍ ، أَخْرَجَهُ فِي التَّفْسِيرِ . 
وحسنه ابن حجر في "الفتح" وقال في "الفتوحات الربانية":حسنٌ غريبٌ،وصححه ابن العربي في "عارضة الأحوذي ،والذهبي،وصححه الألباني وحسنه الوادعي وشعيب الأرنؤط.
قال أبوجعفر الطحاوي في "شرح مشكل الآثار":
1527 حَدَّثَنَا يُونُسُ قَالَ : حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ قَالَ : أَخْبَرَنِي ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ , عَنِ الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ , عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ , عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا , زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَتْ : إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : 
إِنَّ هَذَا الْقَمَرَ يَا عَائِشَةُ اسْتَعِيذِي بِاللَّهِ مِنْ شَرِّ هَذَا , هَلْ تَدْرِينَ مَا هَذَا ؟ هَذَا الْغَاسِقُ إِذَا وَقَبَ . حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْأَزْدِيُّ , وَسُلَيْمَانُ بْنُ شُعَيْبٍ الْكَيْسَانِيُّ قَالَا : حَدَّثَنَا أَسَدُ بْنُ مُوسَى قَالَ : حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ , ثُمَّ ذَكَرَ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ . وَحَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ قَالَ : حَدَّثَنَا أَبُو عَامِرٍ الْعَقَدِيُّ , عَنِ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ , عَنِ الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ , وَالْمُنْذِرِ , عَنْ أَبِي سَلَمَةَ , عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا , عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَعَنْاهُ . حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ قَالَ : حَدَّثَنَا الْفِرْيَابِيُّ قَالَ : حَدَّثَنَا سُفْيَانُ , عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ يَعَنْي ابْنَ أَبِي ذِئْبٍ عَنِ الْحَارِثِ , عَنْ أَبِي سَلَمَةَ , عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا , عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلَهُ . قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ : وَلَا نَعْلَمُ لِهَذَا الْحَدِيثِ مَخْرَجًا غَيْرَ مَخْرَجِهِ هَذَا , وَلَا نَعْلَمُ أَحَدًا مِمَّنْ رَوَاهُ عَنِ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ ذَكَرَ فِي إِسْنَادِهِ الْمُنْذِرَ مَعَ الْحَارِثِ غَيْرَ أَبِي عَامِرٍ الْعَقَدِيِّ , وَالْمُنْذِرُ هَذَا هُوَ الْمُنْذِرُ بْنُ أَبِي الْمُنْذِرِ , وَلَا نَعْلَمُ أَنَّ أَحَدًا حَدَّثَ عَنْهُ غَيْرَ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ . قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ : فَتَأَمَّلْنَا هَذَا الْحَدِيثَ لِنَقِفَ عَلَى الْمُرَادِ بِهِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى , إِذْ كَانَ بَعْضُ النَّاسِ قَدِ اسْتَعْظَمَهُ وَقَالَ : أَيُّ شَرٍّ فِي الْقَمَرِ , وَهُوَ خَلْقُ اللَّهِ , مُطِيعٌ لَهُ , وَذَكَرَ قَوْلَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ : { أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَسْجُدُ لَهُ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ } إِلَى قَوْلِهِ : { وَكَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ } فَأَخْبَرَ عَزَّ وَجَلَّ بِالْمُطِيعِينَ مِنْ خَلْقِهِ , ثُمَّ قَالَ : { وَكَثِيرٌ حَقَّ عَلَيْهِ الْعَذَابُ } أَيِ : الْمُخَالِفِينَ عَلَيْهِ مِنْ خَلْقِهِ , فَأَيُّ شَرٍّ فِي الْقَمَرِ , وَهُوَ كَمَا ذَكَرْنَا حَتَّى يُسْتَعَاذَ مِنْهُ ؟ فَكَانَ جَوَابَنَا لَهُ فِي ذَلِكَ بِتَوْفِيقِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَعَوْنِهِ : أَنَّ الْقَمَرَ خَلْقٌ لِلَّهِ , مُطِيعٌ لَهُ كَمَا ذَكَرَ , وَأَنَّهُ لَا شَرَّ لَهُ , وَأَنَّ الْمُرَادَ بِمَا فِي هَذَا الْحَدِيثِ غَيْرُ الَّذِي تَوَهَّمَهُ فِيهِ , وَهُوَ أَنَّ اللَّهَ جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ آيَتَيْنِ , فَبَيَّنَ لَنَا ذَلِكَ بِقَوْلِه : { وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ آيَتَيْنِ فَمَحَوْنَا آيَةَ اللَّيْلِ وَجَعَلْنَا آيَةَ النَّهَارِ مُبْصِرَةً } وَكَانَتْ آيَةُ اللَّيْلِ هِيَ الْقَمَرَ , وَآيَةُ النَّهَارِ هِيَ الشَّمْسَ , وَكَانَ الْقَمَرُ لِلْمَحْوِ الَّذِي مَحَاهُ اللَّهُ فِيهِ يَكُونُ عَنْدَ الظُّلْمَةِ الَّتِي لَيْسَتْ مَعَ النَّهَارِ , وَكَانَ أَهْلُ الْمَعَاصِي الَّذِينَ لَا يَسْتَطِيعُونَ إِظْهَارَهَا مِنْ أَنْفُسِهِمْ فِي النَّهَارِ لِمَا يَخَافُونَ مِنْ إِقَامَةِ عُقُوبَاتِهَا عَلَيْهِمْ يُظْهِرُونَهَا مِنْ أَنْفُسِهِمْ فِي اللَّيْلِ لِمَا يَأْمَنُونَ عَلَيْهَا فِيهِ , وَكَانَ لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ خَلْقٌ وَهُمُ الشَّيَاطِينُ يَنْبَثُّونَ فِي اللَّيْلِ وَلَا يَنْبَثُّونَ فِي النَّهَارِ , كَمَا قَدْ رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي ذَلِكَ.
وقال الحربي في "غريب الحديث":
793 حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ , حَدَّثَنَا جَعْفَرٌ , عَنْ ثَابِتٍ الْبُنَانِيِّ : { غَاسِقٍ } , قَالَ : اللَّيْلُ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ : الْغَسَقُ : الظُّلْمَةُ فِيمَا أَخْبَرَنَا سَلَمَةُ , عَنِ الْفَرَّاءِ , الْغَاسِقُ : اللَّيْلُ إِذَا أَظْلَمَ أَخْبَرَنَا أَبُو عُمَرَ , عَنِ الْكِسَائِيِّ : يُقَالُ : غَسَقَ اللَّيْلُ يَغْسِقُ غَسْقًا وَغُسُوقًا وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ : فِي حَدِيثِ عَائِشَةَ أَنَّهُ قَالَ فِي الْقَمَرِ : هَذَا غَاسِقٌ ؛ فَتَعَوَّذِي مِنْ شَرِّهِ , كَأَنَّهُ أَمَرَهَا أَنْ تَتَعَوَّذَ مِنْ شَرِّ اللَّيْلِ وَمَا يَحْدُثُ فِيهِ فَسَمَّى اللَّيْلَ بِبَعْضِ مَا يَكُونُ فِيهِ , إِذْ كَانَ الْقَمَرُ لَا يَكُونُ إِلَّا بِاللَّيْلِ ".
وقال المباركفوري في "تحفة الأحوذي":
قوله : ( استعيذي بالله من شر هذا ) أي هذا القمر ( فإن هذا هو الغاسق إذا وقب ) قال في القاموس : الغسق محركة ظلمة أول الليل وغسق الليل غسقا اشتدت ظلمته ، والغاسق القمر أو الليل إذا غاب الشفق وقال فيه وقب الظلام دخل والشمس وقبا ووقوبا غابت والقمر دخل في الخسوف ومنه غاسق إذا وقب انتهى . قال الطيبي : إنما استعاذ من كسوفه لأنه من آيات الله الدالة على حدوث بلية ونزول نازلة كما قال عليه الصلاة والسلام : " ولكن يخوف الله به عباده " . ولأن اسم الإشارة في الحديث كوضع اليد في التعيين وتوسيط ضمير الفصل بينه وبين الخبر المعرف يدل على أن المشار إليه هو القمر لا غير انتهى . وقال الخازن في تفسيره بعد ذكر حديث عائشة هذا ما لفظه : فعلى هذا الحديث المراد به القمر إذا خسف واسود ومعنى وقب دخل في الخسوف أو أخذ في الغيبوبة ، وقيل سمي به لأنه إذا خسف اسود وذهب ضوءه ، وقيل إذا وقب دخل في المحاق وهو آخر الشهر وفي ذلك الوقت يتم السحر المورث للتمريض وهذا مناسب لسبب نزول هذه السورة ، وقال ابن عباس الغاسق الليل إذا وقب أي أقبل بظلمته من المشرق ، وقيل سمي الليل غاسقا لأنه أبرد من النهار والغسق البرد وإنما أمر بالتعوذ من الليل لأن فيها تنتشر الآفات ويقل الغوث وفيه يتم السحر ، وقيل الغاسق الثريا إذا سقطت وغابت ، وقيل إن الأسقام تكثر عند وقوعها وترتفع عند طلوعها فلهذا أمر بالتعوذ من الثريا عند سقوطها انتهى . وقال ابن جرير في تفسيره : وأولى الأقوال في ذلك عندي بالصواب أن يقال إن الله أمر نبيه صلى الله عليه وسلم أن يستعيذ من شر غاسق وهو الذي يظلم يقال قد غسق الليل يغسق غسوقا إذا أظلم إذا وقب يعني إذا دخل في ظلامه ، والليل إذا دخل في ظلامه غاسق والنجم إذا أفل غاسق . والقمر غاسق إذا وقب ولم يخصص بعد ذلك بل عم الأمر بذلك فكل غاسق فإنه صلى الله عليه وسلم كان يؤمر بالاستعاذة من شره إذا وقب انتهى . قوله : ( هذا حديث حسن صحيح ) وأخرجه أحمد والنسائي والحاكم وصححه وابن جرير .
وصلِ اللهمَّ على نبينا محمَّدٍ وعلى آله وصحبه وسلم.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق