الْحَيُّ الْقَيُّومُ".
الحمدُ لله ربِّ العالمين والصلاة والسلام على النبي محمَّدٍ وعلى آله وسلم وبعد:
قال الله ـ تعالى ـ { الله لا إله إلا هو الحي القيوم لا تأخذه سنة ولا نوم }سورة البقرة.
قال الله ـ تعالى ـ { الله لا إله إلا هو الحي القيوم }سورة آل عمران.
قال الله ـ تعالى ـ {وعنت الوجوه للحي القيوم وقد خاب من حمل ظلما }سورة طه.
وقد قرن الله ـ تعالى ـ بينهما في كتابه العظيم ؛ لأن مدار الأسماء الحسنى كلها الذاتية والفعلية عليها ، فكمال صفات الذات في ( الحيّ) وكمال صفات الأفعال في ( القيوم ) .
قال البخاري في " صحيحه":وَقَالَ عُثْمَانُ بْنُ الْهَيْثَمِ : حَدَّثَنَا عَوْفٌ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، قَالَ :
وَكَّلَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِحِفْظِ زَكَاةِ رَمَضَانَ ، فَأَتَانِي آتٍ فَجَعَلَ يَحْثُو مِنَ الطَّعَامِ ، فَأَخَذْتُهُ ، فَقُلْتُ : لَأَرْفَعَنَّكَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَقَصَّ الْحَدِيثَ ، فَقَالَ :
إِذَا أَوَيْتَ إِلَى فِرَاشِكَ فَاقْرَأْ آيَةَ الْكُرْسِيِّ ، لَنْ يَزَالَ مَعَكَ مِنَ اللَّهِ حَافِظٌ وَلَا يَقْرَبُكَ شَيْطَانٌ حَتَّى تُصْبِحَ ، وَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
" صَدَقَكَ وَهُوَ كَذُوبٌ ذَاكَ شَيْطَانٌ " .
وهو حديثٌ صحيحٌ ورواه النسائي في " الكبرى "، وابن حبان في " صحيحه".
قال مسلم في "صحيحه":
1349ـ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الأَعْلَى بْنُ عَبْدِ الأَعْلَى ، عَنِ الْجُرَيْرِيِّ ، عَنْ أَبِي السَّلِيلِ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ رَبَاحٍ الأَنْصَارِيِّ ، عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ :
" يَا أَبَا الْمُنْذِرِ ، أَتَدْرِي أَيُّ آيَةٍ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ مَعَكَ أَعْظَمُ ؟ قَالَ : قُلْتُ : اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ ، قَالَ : يَا أَبَا الْمُنْذِرِ ، " أَتَدْرِي أَيُّ آيَةٍ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ مَعَكَ أَعْظَمُ ؟ قَالَ : قُلْتُ : اللَّهُ لا إِلَهَ إِلا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ سورة البقرة آية 255 " ، قَالَ : فَضَرَبَ فِي صَدْرِي ، وَقَالَ : وَاللَّهِ لِيَهْنِكَ الْعِلْمُ أَبَا الْمُنْذِرِ .
قال سعيد بن منصور في "تفسيره ":
1241ـ حدَّثَنَا أَبُو الأَحْوَصِ، عَنْ سَعِيد بَنْ مَسْرُوق، عَنِ الشَّعْبِيّ، قَالَ: جَلَسَ مَسْرُوق، وَشتِير بن شكل فِي الْمَسْجِدِ الأَعْظَمِ، فَرَآهُمَا نَاسٌ، فَتَحَوَّلُوا إِلَيْهِمَا، فَقَالَ شتِير لِمَسْرُوق: إِنَّمَا تَحَوَّلَ هَؤُلاَءِ إِلَيْنَا لِنُحَدِّثَهُمْ، فَإِمَّا أَنْ تُحَدِّثَ وَأُصَدِّقُكَ، وَإِمَّا أَنْ أُحَدِّثَ وَتُصَدِّقُنِي.
فَقَالَ مَسْرُوق: حَدِّثْ وَأُصَدِّقُكَ.
فَقَالَ شتِير: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنَ مَسْعُودٍ: أَنَّ أَعْظَمَ آيَةٍ فِي كِتَابِ اللهِ: {اللهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ} إلِىَ آخِرِ الآيَةِ.
قالَ مَسْرُوقٌ: صَدَقْتَ.
وَحَّدَثَنَا عَبْدُ اللهِ: أَنَّ أَجْمَعَ آيَةٍ فِي كِتَابِ اللهِ: {إِنَّ اللهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ} الآيَةٍ.
فَقَالَ مَسْرُوق: صَدَقْتَ.
وَحَدَّثَنَا أَنَّ أَكْبَرَ - أَوْ أَكْثَرَ - آيَةٍ فِي كِتَابِ اللهِ فَرَحًا: {قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ} الآية.
فَقَالَ مَسْرُوقٌ: صَدَقْتَ.
وَحَدَّثَنَا أَنَّ أَشَدَّ آيَةٍ فِي كِتَابِ اللهِ تَفْوِيضًا: {وَمَنْ يَتَّقِ اللهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لاَ يَحْتَسِبُ} إلِىَ آخِرِ الآيَةِ.
فَقَالَ مسروق: صدقت.
قال أبو عبيد القاسم بن سلام الهروي في " فضائل القرآن":
345ـ حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ، عَنْ مَنْصُورِ بْنِ الْمُعْتَمِرِ ، عَنِ الشَّعْبِيُّ ، قَالَ :
الْتَقَى مَسْرُوقُ بْنُ الْأَجْدَعِ , وَشُتَيْرُ بْنُ شَكَلٍ ، فَقَالَ شُتَيْرٌ لِمَسْرُوقٍ : إِمَّا أَنْ أُحَدِّثَكَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ وَتُصَدِّقَنِي ، أَوْ تُحَدِّثَنِي وَأُصَدِّقَكَ . فَقَالَ مَسْرُوقٌ حَدِّثْ وَأُصَدِّقُكَ . فَقَالَ شُتَيْرٌ : سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ ، يَقُولُ :
" مَا خَلَقَ اللَّهُ مِنْ سَمَاءٍ وَلا أَرْضٍ وَلا جَنَّةٍ وَلا نَارٍ أَعْظَمَ مِنْ آيَةٍ فِي سُورَةِ الْبَقَرَةِ , وَهِيَ : اللَّهُ لا إِلَهَ إِلا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ سورة البقرة آية 255 . ثُمَّ قَرَأَهَا حَتَّى أَتَمَّهَا " . فَقَالَ مَسْرُوقٌ : صَدَقْتَ .
وقال ابن الضريس في " فضائل القرآن":
188:أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ ، حَدَّثَنَا وَكِيعٌ ، عَنِ الأَعْمَشِ ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ ، عَنْ مَسْرُوقٍ ، قَالَ : قَالَ عَبْدُ اللَّهِ : " مَا خَلَقَ اللَّهُ مِنْ شَيْءٍ مِنْ أَرْضٍ وَلا سَمَاءٍ ، وَلا إِنْسٍ وَلا جِنٍّ , أَعْظَمَ مِنْ آيَةِ الْكُرْسِيِّ " .
قال الترمذي في " سننه":
2828ـ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيل ، قَالَ : حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِيُّ ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ فِي تَفْسِيرِ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ ، قَالَ : " مَا خَلَقَ اللَّهُ مِنْ سَمَاءٍ ، وَلَا أَرْضٍ أَعْظَمَ مِنْ آيَةِ الْكُرْسِيِّ " ، قَالَ سُفْيَانُ : لِأَنَّ آيَةَ الْكُرْسِيِّ هُوَ كَلَامُ اللَّهِ ، وَكَلَامُ اللَّهِ أَعْظَمُ مِنْ خَلْقِ اللَّهِ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ .
وقال ابن الضريس في " فضائل القرآن":
183: أَخْبَرَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ، حَدَّثَنَا هِشَامٌ ، حَدَّثَنَا قَتَادَةُ ، عَنِ الْحَسَنِ :
" أَنَّ رَجُلا مَاتَ أَخُوهُ فَرَآهُ فِي الْمَنَامِ , فَقَالَ : أَيَّ الأَعْمَالِ تَجِدُونَ أَفْضَلَ ؟ قَالَ :
الْقُرْآنُ ، قَالَ :
أَيَّ الْقُرْآنِ ؟ قَالَ :
آيَةُ الْكُرْسِيِّ اللَّهُ لا إِلَهَ إِلا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ سورة البقرة آية 255 , قَالَ :
تَرْجُونَ لَنَا شَيْئًا ؟ قَالَ : نَعَمْ , إِنَّكُمْ تَعْمَلُونَ وَلا تَعْلَمُونَ ، وَإِنَّا نَعْلَمُ وَلا نَعْمَلُ " .
والحسن هو ابن أبي الحسن البصري أبو سعيد التابعي الجليل الزاهد.
وقال ابن الضريس في " فضائل القرآن"
184: أَخْبَرَنَا مُسْلِمٌ ، حَدَّثَنَا هِشَامٌ ، حَدَّثَنَا قَتَادَةُ ، قَالَ :
" مَنْ قَرَأَ آيَةَ الْكُرْسِيِّ إِذَا آوَى إِلَى فِرَاشِهِ ، وُكِّلَ بِهِ مَلَكَيْنِ يَحْفَظَانِهِ حَتَّى يُصْبِحَ " .
وقتادة هو أبو الخطاب قتادة بن دعامة السدوسي البصري التابعي المفسر الجليل.
وهو اسم الله الأعظم عند القاسم بن عبد الرحمن الشامي،واختاره ابن قيَّم الجوزية كما في " الجواب الكافي"..
قال الفريابي في فضائل القرآن":
45: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ، نا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ ، نا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْعَلاءِ ، حَدَّثَنِي الْقَاسِمُ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ : قَالَ :
" إِنَّ اسْمَ اللَّهِ الأَعْظَمَ فِي ثَلاثِ سُوَرٍ مِنَ الْقُرْآنِ ، فِي سُورَةِ الْبَقَرَةِ ، وَآلِ عِمْرَانَ ، وَطه " ، قَالَ الشَّيْخُ : الْتَمَسْتُهَا ، فَوَجَدْتُ فِي الْبَقَرَةِ آيَةَ الْكُرْسِيِّ : اللَّهُ لا إِلَهَ إِلا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ سورة البقرة آية 255 ، وَفَاتِحَةَ آلِ عِمْرَانَ الم { 1 } اللَّهُ لا إِلَهَ إِلا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ { 2 } سورة آل عمران آية 1-2 , وَفِي طه : وَعَنَتِ الْوُجُوهُ لِلْحَيِّ الْقَيُّومِ سورة طه آية 111 ".
قال ابن ماجه في "سننه ":
3856: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الدِّمَشْقِيُّ ، حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ أَبِي سَلَمَةَ ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ الْعَلاَءِ ، عَنِ الْقَاسِمِ قَالَ :
اسْمُ اللهِ الأَعْظَمُ الَّذِي إِذَا دُعِيَ بِهِ أَجَابَ فِي سُوَرٍ ثَلاَثٍ : الْبَقَرَةِ ، وَآلِ عِمْرَانَ ، وَطه.
قال ابن أبي شيبة في "مصنفه":
29737 :حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ، عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: " لَمَّا بُعِثَ مُوسَى إِلَى فِرْعَوْنَ، قَالَ: " رَبِّ أَيَّ شَيْءٍ أَقُولُ؟، قَالَ: قُلْ: هيا شَرا هيا "،
قَالَ الأعمش: تَفْسِيرُ ذَلِكَ: الْحَيُّ قَبْلَ كُلِّ شَيْءٍ، وَالْحَيُّ بَعْدَ كُلِّ شَيْءٍ.
وقال عبد الرزاق في" تفسيره":
1150:عَنِ الثَّوْرِيِّ , عَنِ الْأَعْمَشِ , عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ , عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {دَعَوَا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ} [يونس: 22 ] , قَالَ: «هيا شرا هيا» ,
قَالَ سُفْيَانُ: «تَفْسِيرُهُ يَا حَيُّ يَا قَيُّومُ».
قال ابن أبي شيبة في " المصنف":
28872: حَدَّثَنَا عَفَّانُ ، حَدَّثَنَا بُكَيْرُ بْنُ أَبِي السَّمِيطِ ، حَدَّثَنَا مَنْصُورُ بْنُ زَاذَانَ ، عَنْ أَبِي الصِّدِّيقِ النَّاجِي ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ ، قَالَ :
" مَنْ قَالَ : أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ الْعَظِيمَ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ وَأَتُوبُ إِلَيْهِ خَمْسَ مَرَّاتٍ غُفِرَ لَهُ , وَإِنْ كَانَ عَلَيْهِ مثل زَبَدِ الْبَحْرِ " .
قال الحسين المروزي في" زوائد الزهد":
1122: أخبرنا عيسى بن يونس قال : حدثنا الأوزاعي ، عن مكحول قال:من قال :أستغفر الله الذي لا إله إلا هو الحي القيوم وأتوب إليه غفر الله له ،وإن كان فارا من الزحف .
ومعنى الحي القيوم.
قال الطبري في " تفسيره":
وَأَمَّا قَوْلُهُ : " الْحَيُّ " فَإِنَّهُ يَعْنِي : الَّذِي لَهُ الْحَيَاةُ الدَّائِمَةُ ، وَالْبَقَاءُ الَّذِي لَا أَوَّلَ لَهُ بِحَدٍّ ، وَلَا آخِرَ لَهُ بِأَمَدٍ ، إِذْ كَانَ كُلُّ مَا سِوَاهُ فَإِنَّهُ وَإِنْ كَانَ حَيًّا [ص: 387 ] فَلِحَيَاتِهِ أَوَّلٌ مَحْدُودٌ ، وَآخِرٌ مَمْدُودٌ ، يَنْقَطِعُ بِانْقِطَاعٍ أَمَدِهَا ، وَيَنْقَضِي بِانْقِضَاءِ غَايَتِهَا .
قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ : وَقَدِ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْبَحْثِ فِي تَأْوِيلِ ذَلِكَ .
فَقَالَ بَعْضُهُمْ : إِنَّمَا سَمَّى اللَّهُ نَفْسَهُ " حَيًّا " لِصَرْفِهِ الْأُمُورَ مَصَارِفَهَا وَتَقْدِيرِهِ الْأَشْيَاءَ مَقَادِيرَهَا ، فَهُوَ حَيٌّ بِالتَّدْبِيرِ لَا بِحَيَاةٍ .
وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ هُوَ حَيٌّ بِحَيَاةٍ هِيَ لَهُ صِفَةٌ .
وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ ذَلِكَ اسْمٌ مِنَ الْأَسْمَاءِ تَسَمَّى بِهِ ، فَقُلْنَاهُ تَسْلِيمًا لِأَمْرِهِ . [ ص: 388 ]
وَأَمَّا قَوْلُهُ : " الْقَيُّومُ " فَإِنَّهُ " الْفَيْعُولُ " مِنَ " الْقِيَامِ " وَأَصْلُهُ " الْقَيْوُومُ " : سَبَقَ عَيْنَ الْفِعْلِ ، وَهِيَ " وَاوٌ " " يَاءٌ " سَاكِنَةٌ ، فَأُدْغِمَتَا فَصَارَتَا " يَاءً " مُشَدَّدَةً .
وَكَذَلِكَ تَفْعَلُ الْعَرَبُ فِي كُلِّ " وَاوٍ " كَانَتْ لِلْفِعْلِ عَيْنًا ، سَبَقَتْهَا " يَاءٌ " سَاكِنَةٌ . وَمَعْنَى قَوْلِهِ : " الْقَيُّومُ " الْقَائِمُ بِرِزْقِ مَا خَلَقَ وَحَفِظِهِ ، كَمَا قَالَ أُمَيَّةُ :
لَمْ تُخْلَقِ السَّمَاءُ وَالنُّجُومُ وَالشَّمْسُ مَعَهَا قَمَرٌ يَعُومُ قَدَّرَهُ الْمُهَيْمِنُ الْقَيُّومُ
وَالْجِسْرُ وَالْجَنَّةُ وَالْجَحِيمُ إِلَّا لِأَمْرٍ شَأْنُهُ عَظِيمُ
وصل اللهم على نبينا محمد وعلى آله وسلم والحمد لله رب العالمين.
الحمدُ لله ربِّ العالمين والصلاة والسلام على النبي محمَّدٍ وعلى آله وسلم وبعد:
قال الله ـ تعالى ـ { الله لا إله إلا هو الحي القيوم لا تأخذه سنة ولا نوم }سورة البقرة.
قال الله ـ تعالى ـ { الله لا إله إلا هو الحي القيوم }سورة آل عمران.
قال الله ـ تعالى ـ {وعنت الوجوه للحي القيوم وقد خاب من حمل ظلما }سورة طه.
وقد قرن الله ـ تعالى ـ بينهما في كتابه العظيم ؛ لأن مدار الأسماء الحسنى كلها الذاتية والفعلية عليها ، فكمال صفات الذات في ( الحيّ) وكمال صفات الأفعال في ( القيوم ) .
قال البخاري في " صحيحه":وَقَالَ عُثْمَانُ بْنُ الْهَيْثَمِ : حَدَّثَنَا عَوْفٌ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، قَالَ :
وَكَّلَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِحِفْظِ زَكَاةِ رَمَضَانَ ، فَأَتَانِي آتٍ فَجَعَلَ يَحْثُو مِنَ الطَّعَامِ ، فَأَخَذْتُهُ ، فَقُلْتُ : لَأَرْفَعَنَّكَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَقَصَّ الْحَدِيثَ ، فَقَالَ :
إِذَا أَوَيْتَ إِلَى فِرَاشِكَ فَاقْرَأْ آيَةَ الْكُرْسِيِّ ، لَنْ يَزَالَ مَعَكَ مِنَ اللَّهِ حَافِظٌ وَلَا يَقْرَبُكَ شَيْطَانٌ حَتَّى تُصْبِحَ ، وَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
" صَدَقَكَ وَهُوَ كَذُوبٌ ذَاكَ شَيْطَانٌ " .
وهو حديثٌ صحيحٌ ورواه النسائي في " الكبرى "، وابن حبان في " صحيحه".
قال مسلم في "صحيحه":
1349ـ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الأَعْلَى بْنُ عَبْدِ الأَعْلَى ، عَنِ الْجُرَيْرِيِّ ، عَنْ أَبِي السَّلِيلِ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ رَبَاحٍ الأَنْصَارِيِّ ، عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ :
" يَا أَبَا الْمُنْذِرِ ، أَتَدْرِي أَيُّ آيَةٍ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ مَعَكَ أَعْظَمُ ؟ قَالَ : قُلْتُ : اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ ، قَالَ : يَا أَبَا الْمُنْذِرِ ، " أَتَدْرِي أَيُّ آيَةٍ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ مَعَكَ أَعْظَمُ ؟ قَالَ : قُلْتُ : اللَّهُ لا إِلَهَ إِلا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ سورة البقرة آية 255 " ، قَالَ : فَضَرَبَ فِي صَدْرِي ، وَقَالَ : وَاللَّهِ لِيَهْنِكَ الْعِلْمُ أَبَا الْمُنْذِرِ .
قال سعيد بن منصور في "تفسيره ":
1241ـ حدَّثَنَا أَبُو الأَحْوَصِ، عَنْ سَعِيد بَنْ مَسْرُوق، عَنِ الشَّعْبِيّ، قَالَ: جَلَسَ مَسْرُوق، وَشتِير بن شكل فِي الْمَسْجِدِ الأَعْظَمِ، فَرَآهُمَا نَاسٌ، فَتَحَوَّلُوا إِلَيْهِمَا، فَقَالَ شتِير لِمَسْرُوق: إِنَّمَا تَحَوَّلَ هَؤُلاَءِ إِلَيْنَا لِنُحَدِّثَهُمْ، فَإِمَّا أَنْ تُحَدِّثَ وَأُصَدِّقُكَ، وَإِمَّا أَنْ أُحَدِّثَ وَتُصَدِّقُنِي.
فَقَالَ مَسْرُوق: حَدِّثْ وَأُصَدِّقُكَ.
فَقَالَ شتِير: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنَ مَسْعُودٍ: أَنَّ أَعْظَمَ آيَةٍ فِي كِتَابِ اللهِ: {اللهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ} إلِىَ آخِرِ الآيَةِ.
قالَ مَسْرُوقٌ: صَدَقْتَ.
وَحَّدَثَنَا عَبْدُ اللهِ: أَنَّ أَجْمَعَ آيَةٍ فِي كِتَابِ اللهِ: {إِنَّ اللهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ} الآيَةٍ.
فَقَالَ مَسْرُوق: صَدَقْتَ.
وَحَدَّثَنَا أَنَّ أَكْبَرَ - أَوْ أَكْثَرَ - آيَةٍ فِي كِتَابِ اللهِ فَرَحًا: {قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ} الآية.
فَقَالَ مَسْرُوقٌ: صَدَقْتَ.
وَحَدَّثَنَا أَنَّ أَشَدَّ آيَةٍ فِي كِتَابِ اللهِ تَفْوِيضًا: {وَمَنْ يَتَّقِ اللهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لاَ يَحْتَسِبُ} إلِىَ آخِرِ الآيَةِ.
فَقَالَ مسروق: صدقت.
قال أبو عبيد القاسم بن سلام الهروي في " فضائل القرآن":
345ـ حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ، عَنْ مَنْصُورِ بْنِ الْمُعْتَمِرِ ، عَنِ الشَّعْبِيُّ ، قَالَ :
الْتَقَى مَسْرُوقُ بْنُ الْأَجْدَعِ , وَشُتَيْرُ بْنُ شَكَلٍ ، فَقَالَ شُتَيْرٌ لِمَسْرُوقٍ : إِمَّا أَنْ أُحَدِّثَكَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ وَتُصَدِّقَنِي ، أَوْ تُحَدِّثَنِي وَأُصَدِّقَكَ . فَقَالَ مَسْرُوقٌ حَدِّثْ وَأُصَدِّقُكَ . فَقَالَ شُتَيْرٌ : سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ ، يَقُولُ :
" مَا خَلَقَ اللَّهُ مِنْ سَمَاءٍ وَلا أَرْضٍ وَلا جَنَّةٍ وَلا نَارٍ أَعْظَمَ مِنْ آيَةٍ فِي سُورَةِ الْبَقَرَةِ , وَهِيَ : اللَّهُ لا إِلَهَ إِلا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ سورة البقرة آية 255 . ثُمَّ قَرَأَهَا حَتَّى أَتَمَّهَا " . فَقَالَ مَسْرُوقٌ : صَدَقْتَ .
وقال ابن الضريس في " فضائل القرآن":
188:أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ ، حَدَّثَنَا وَكِيعٌ ، عَنِ الأَعْمَشِ ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ ، عَنْ مَسْرُوقٍ ، قَالَ : قَالَ عَبْدُ اللَّهِ : " مَا خَلَقَ اللَّهُ مِنْ شَيْءٍ مِنْ أَرْضٍ وَلا سَمَاءٍ ، وَلا إِنْسٍ وَلا جِنٍّ , أَعْظَمَ مِنْ آيَةِ الْكُرْسِيِّ " .
قال الترمذي في " سننه":
2828ـ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيل ، قَالَ : حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِيُّ ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ فِي تَفْسِيرِ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ ، قَالَ : " مَا خَلَقَ اللَّهُ مِنْ سَمَاءٍ ، وَلَا أَرْضٍ أَعْظَمَ مِنْ آيَةِ الْكُرْسِيِّ " ، قَالَ سُفْيَانُ : لِأَنَّ آيَةَ الْكُرْسِيِّ هُوَ كَلَامُ اللَّهِ ، وَكَلَامُ اللَّهِ أَعْظَمُ مِنْ خَلْقِ اللَّهِ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ .
وقال ابن الضريس في " فضائل القرآن":
183: أَخْبَرَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ، حَدَّثَنَا هِشَامٌ ، حَدَّثَنَا قَتَادَةُ ، عَنِ الْحَسَنِ :
" أَنَّ رَجُلا مَاتَ أَخُوهُ فَرَآهُ فِي الْمَنَامِ , فَقَالَ : أَيَّ الأَعْمَالِ تَجِدُونَ أَفْضَلَ ؟ قَالَ :
الْقُرْآنُ ، قَالَ :
أَيَّ الْقُرْآنِ ؟ قَالَ :
آيَةُ الْكُرْسِيِّ اللَّهُ لا إِلَهَ إِلا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ سورة البقرة آية 255 , قَالَ :
تَرْجُونَ لَنَا شَيْئًا ؟ قَالَ : نَعَمْ , إِنَّكُمْ تَعْمَلُونَ وَلا تَعْلَمُونَ ، وَإِنَّا نَعْلَمُ وَلا نَعْمَلُ " .
والحسن هو ابن أبي الحسن البصري أبو سعيد التابعي الجليل الزاهد.
وقال ابن الضريس في " فضائل القرآن"
184: أَخْبَرَنَا مُسْلِمٌ ، حَدَّثَنَا هِشَامٌ ، حَدَّثَنَا قَتَادَةُ ، قَالَ :
" مَنْ قَرَأَ آيَةَ الْكُرْسِيِّ إِذَا آوَى إِلَى فِرَاشِهِ ، وُكِّلَ بِهِ مَلَكَيْنِ يَحْفَظَانِهِ حَتَّى يُصْبِحَ " .
وقتادة هو أبو الخطاب قتادة بن دعامة السدوسي البصري التابعي المفسر الجليل.
وهو اسم الله الأعظم عند القاسم بن عبد الرحمن الشامي،واختاره ابن قيَّم الجوزية كما في " الجواب الكافي"..
قال الفريابي في فضائل القرآن":
45: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ، نا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ ، نا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْعَلاءِ ، حَدَّثَنِي الْقَاسِمُ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ : قَالَ :
" إِنَّ اسْمَ اللَّهِ الأَعْظَمَ فِي ثَلاثِ سُوَرٍ مِنَ الْقُرْآنِ ، فِي سُورَةِ الْبَقَرَةِ ، وَآلِ عِمْرَانَ ، وَطه " ، قَالَ الشَّيْخُ : الْتَمَسْتُهَا ، فَوَجَدْتُ فِي الْبَقَرَةِ آيَةَ الْكُرْسِيِّ : اللَّهُ لا إِلَهَ إِلا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ سورة البقرة آية 255 ، وَفَاتِحَةَ آلِ عِمْرَانَ الم { 1 } اللَّهُ لا إِلَهَ إِلا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ { 2 } سورة آل عمران آية 1-2 , وَفِي طه : وَعَنَتِ الْوُجُوهُ لِلْحَيِّ الْقَيُّومِ سورة طه آية 111 ".
قال ابن ماجه في "سننه ":
3856: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الدِّمَشْقِيُّ ، حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ أَبِي سَلَمَةَ ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ الْعَلاَءِ ، عَنِ الْقَاسِمِ قَالَ :
اسْمُ اللهِ الأَعْظَمُ الَّذِي إِذَا دُعِيَ بِهِ أَجَابَ فِي سُوَرٍ ثَلاَثٍ : الْبَقَرَةِ ، وَآلِ عِمْرَانَ ، وَطه.
قال ابن أبي شيبة في "مصنفه":
29737 :حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ، عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: " لَمَّا بُعِثَ مُوسَى إِلَى فِرْعَوْنَ، قَالَ: " رَبِّ أَيَّ شَيْءٍ أَقُولُ؟، قَالَ: قُلْ: هيا شَرا هيا "،
قَالَ الأعمش: تَفْسِيرُ ذَلِكَ: الْحَيُّ قَبْلَ كُلِّ شَيْءٍ، وَالْحَيُّ بَعْدَ كُلِّ شَيْءٍ.
وقال عبد الرزاق في" تفسيره":
1150:عَنِ الثَّوْرِيِّ , عَنِ الْأَعْمَشِ , عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ , عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {دَعَوَا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ} [يونس: 22 ] , قَالَ: «هيا شرا هيا» ,
قَالَ سُفْيَانُ: «تَفْسِيرُهُ يَا حَيُّ يَا قَيُّومُ».
قال ابن أبي شيبة في " المصنف":
28872: حَدَّثَنَا عَفَّانُ ، حَدَّثَنَا بُكَيْرُ بْنُ أَبِي السَّمِيطِ ، حَدَّثَنَا مَنْصُورُ بْنُ زَاذَانَ ، عَنْ أَبِي الصِّدِّيقِ النَّاجِي ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ ، قَالَ :
" مَنْ قَالَ : أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ الْعَظِيمَ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ وَأَتُوبُ إِلَيْهِ خَمْسَ مَرَّاتٍ غُفِرَ لَهُ , وَإِنْ كَانَ عَلَيْهِ مثل زَبَدِ الْبَحْرِ " .
قال الحسين المروزي في" زوائد الزهد":
1122: أخبرنا عيسى بن يونس قال : حدثنا الأوزاعي ، عن مكحول قال:من قال :أستغفر الله الذي لا إله إلا هو الحي القيوم وأتوب إليه غفر الله له ،وإن كان فارا من الزحف .
ومعنى الحي القيوم.
قال الطبري في " تفسيره":
وَأَمَّا قَوْلُهُ : " الْحَيُّ " فَإِنَّهُ يَعْنِي : الَّذِي لَهُ الْحَيَاةُ الدَّائِمَةُ ، وَالْبَقَاءُ الَّذِي لَا أَوَّلَ لَهُ بِحَدٍّ ، وَلَا آخِرَ لَهُ بِأَمَدٍ ، إِذْ كَانَ كُلُّ مَا سِوَاهُ فَإِنَّهُ وَإِنْ كَانَ حَيًّا [ص: 387 ] فَلِحَيَاتِهِ أَوَّلٌ مَحْدُودٌ ، وَآخِرٌ مَمْدُودٌ ، يَنْقَطِعُ بِانْقِطَاعٍ أَمَدِهَا ، وَيَنْقَضِي بِانْقِضَاءِ غَايَتِهَا .
قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ : وَقَدِ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْبَحْثِ فِي تَأْوِيلِ ذَلِكَ .
فَقَالَ بَعْضُهُمْ : إِنَّمَا سَمَّى اللَّهُ نَفْسَهُ " حَيًّا " لِصَرْفِهِ الْأُمُورَ مَصَارِفَهَا وَتَقْدِيرِهِ الْأَشْيَاءَ مَقَادِيرَهَا ، فَهُوَ حَيٌّ بِالتَّدْبِيرِ لَا بِحَيَاةٍ .
وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ هُوَ حَيٌّ بِحَيَاةٍ هِيَ لَهُ صِفَةٌ .
وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ ذَلِكَ اسْمٌ مِنَ الْأَسْمَاءِ تَسَمَّى بِهِ ، فَقُلْنَاهُ تَسْلِيمًا لِأَمْرِهِ . [ ص: 388 ]
وَأَمَّا قَوْلُهُ : " الْقَيُّومُ " فَإِنَّهُ " الْفَيْعُولُ " مِنَ " الْقِيَامِ " وَأَصْلُهُ " الْقَيْوُومُ " : سَبَقَ عَيْنَ الْفِعْلِ ، وَهِيَ " وَاوٌ " " يَاءٌ " سَاكِنَةٌ ، فَأُدْغِمَتَا فَصَارَتَا " يَاءً " مُشَدَّدَةً .
وَكَذَلِكَ تَفْعَلُ الْعَرَبُ فِي كُلِّ " وَاوٍ " كَانَتْ لِلْفِعْلِ عَيْنًا ، سَبَقَتْهَا " يَاءٌ " سَاكِنَةٌ . وَمَعْنَى قَوْلِهِ : " الْقَيُّومُ " الْقَائِمُ بِرِزْقِ مَا خَلَقَ وَحَفِظِهِ ، كَمَا قَالَ أُمَيَّةُ :
لَمْ تُخْلَقِ السَّمَاءُ وَالنُّجُومُ وَالشَّمْسُ مَعَهَا قَمَرٌ يَعُومُ قَدَّرَهُ الْمُهَيْمِنُ الْقَيُّومُ
وَالْجِسْرُ وَالْجَنَّةُ وَالْجَحِيمُ إِلَّا لِأَمْرٍ شَأْنُهُ عَظِيمُ
وصل اللهم على نبينا محمد وعلى آله وسلم والحمد لله رب العالمين.
أية الكرسي حددها لنا بالضبط
ردحذفاللَّهُ لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ ۚ لَا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلَا نَوْمٌ ۚ لَّهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ ۗ مَن ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِندَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ ۚ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ ۖ وَلَا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِّنْ عِلْمِهِ إِلَّا بِمَا شَاءَ ۚ وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ ۖ وَلَا يَئُودُهُ حِفْظُهُمَا ۚ وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ (255)
حذفجزاك الله خيرا-واحبك في الله
ردحذف